علق إدريس أجبالي، المدير السابق لمجلس الجالية المقيمة بالخارج والباحث المغربي في علم الاجتماع، على الفتوى حول الجهاد الصادرة عن المجلس العلمي الأعلى عقب أحداث باريس، رافضا تسمية الأحداث الدامية بـ”الجهاد” وإنما هي جرم ضد الإنسانية، يقول أجبالي قبل أن يضيف، “كيف يمكننا أن نسمي قتل الأبرياء بالحرب أو الجهاد”.
واستبعد أجبالي في تصريح لـ”الأيام 24″، سيناريو طرد المهاجرين من أصول إسلامية من فرنسا في حالة نجاح اليمين المتطرف، المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين، في الانتخابات المقبلة. وقال الباحث إن “الأمر غير مطروح لأن 80 بالمئة من المغاربة المهاجرين هم حاملين للجنسية الفرنسية، وبالتالي فإن القانون يحميهم”. منبها إلى أن اليمين المتطرف لن يكف عن مضايقة المهاجرين وإنما سيتخذهم أكباش فداء لحساباته السياسوية، ليكونوا عرضة لقوانين صارمة قد يتخذها بخصوصهم.
ويرى الأستاذ الباحث أن محاولات التوضيح من أجل عدم الخلط بين المهاجرين المسلمين وبين منفذي الاعتداء ستكون فاشلة، معتبرا أن فاتورة ما حدث ستكون باهظة ولن يدفعها سوى المهاجرين.
ودق المدير السابق لمجلس الجالية، ناقوس الخطر بخصوص الأحداث الإرهابية التي تعرفها أوروبا، معتبرا أن الهجمات الدموية ما بين أحداث جريدة “شارلي إيبدو” وبين أحداث 13 نونبر، وصلت إلى أعلى درجة في سلم قياس الإرهاب. “فإذا كان هجوم شارلي قد تم بحجة سب الرسول”، يقول أجبالي، “فإن هجوم يوم الجمعة لم يكن له أي دافع، إنما راح ضحيته مواطنون أبرياء من جنسيات وديانات مختلفة”.
ويعتبر أجبالي أن الهجوم جاء في توقيت يعرف فيه المجتمع الفرنسي صراعا حول أزمة الهوية، بين من يحاول الدفاع عن القيم الإنسانية وبين الأغلبية التي ترى أن الهوية الفرنسية مهددة من طرف الإسلام والمهاجرين. مشيرا إلى الصعوبات التي تنتظر المهاجرين من أصول إسلامية. وتزداد هذه الصعوبة، يوضح المتحدث، مع اقتراب موعد الانتخابات الفرنسية، لتتقوى تهديدات اليمين المتطرف.
ويجد عضو مجلس الجالية، أن اليمين المتطرف نجح في إقناع الرأي العام أن السياسات القديمة فشلت في توفير الأمن للبلاد، وأن لا خيار متبقي أمام الفرنسيين غير الحلول التي يقترحها. معتبرا أن اليمين اليوم حقق انتصارا إيديولوجيا، “الفرنسيون اليوم مقتنعين أن المسلمين ليسوا جميعا متطرفين إلا أنهم متأكدين أن كل المتطرفين الذين يقومون بأعمال إرهابية هم مسلمون”، يقول أجبالي.
وأضاف المتحدث للموقع، أن اليمين المتطرف قريب من إعلان انتصاره، “فالإرهابيون يوفرون عليه الكثير من الجهد”. مردفا “الفرنسيون عندما سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع يوم 11 يناير المقبل سيتذكرون أحداث 13 نونبر وسيصوتون لمن سيحارب من اعتقدوا أنه “عدوا داخليا”.
وقال إدريس أجبالي بهذا الخصوص، “عن طريق الصدفة هناك تواطؤ بين اليمين المتطرف وبين الجماعات الإرهابية التي تهدف إلى ضرب الديمقراطية الفرنسية ونشر الفوضى بشكل ممنهج واستراتيجي”.
واعتبر المدير السابق لمجلس الجالية المغربية، أن الخطأ الذي ترتكبه أوروبا وفرنسا تحديدا، هو اختزال المهاجر المسلم في صورة المسلم المتزمت أو المتطرف، وهذا نموذج يعطي صورة سيئة عن المسلم. موضحا، “لا يوجد صوت من الجالية قوي يشرح أن هذه الممارسات ليست إسلاما إنما هي إيديولوجية تعتمد على القتل”.