أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب، اليوم الأربعاء، عن فوز المؤرخ والمفكر المغربي عبدالله العروي بجائزة “شخصية العام الثقافية “ للدورة الحادية عشرة 2016-2017 .
ودأبت جائزة الشيخ زايد للكتاب على منح جائزة “شخصية العام الثقافية” لشخصية اعتبارية أو طبيعية بارزة على المستوى العربي أو الدولي، تتميز بإسهام واضح في إثراء الثقافة العربية أوالعالمية إبداعا أو فكرا، على أن تتجسد في أعمالها أو نشاطاتها قيم الأصالة والتسامح والتعايش السلمي .
ومن المقرر أن يتسلم المؤرخ والمفكر المغربي عبد الله العروي، جائزته، إلى جانب الفائزين بباقي فئات جائزة الشيخ زايد للكتاب، خلال حفل ينظم يوم 30 أبريل الجاري بمناسبة انعقاد معرض أبوظبي الدولي للكتاب.
وقال علي بن تميم، الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، إنه “تم اختيار المفكر والكاتب عبدالله العروي لتبوئه منزلة المؤسس لحراك فكري وثقافي امتد من المغرب إلى المشرق. ولم يتوقف تأثيره عند حدود الجامعات والمؤسسات العلمية، وإنما شمل مجالات الفكر السياسي العربي، وطبع كثيرا من الممارسات الثقافية “.
واستعرض البيان جانبا من السيرة الذاتية لعبد الله العروي (المزداد سنة 1933 بأزمور)، وفكره وثقافته وإنتاجاته وإسهاماته في الثقافة العربية، والتي توزعت بين دراسات فكرية وأعمال روائية إلى جانب الترجمة.
وأبرز في هذا السياق أن العروي يجمع بين المعرفة العميقة للثقافة العربية، قديمها وحديثها، والثقافة الغربية، في مختلف مظاهرها الفكرية والأدبية والفنية، وخاصة في مجالات الفلسفة والتاريخ والرواية والسينما.
وأشار إلى أنه قد ألف منذ الستينيات حتى اليوم، مجموعة من الأعمال التي شكلت نظرة جديدة مستأنفة للثقافة العربية الحديثة، وما يتصل بها من سياقات وإشكالات وأسئلة ثقافية في القديم العربي أو في الثقافة الغربية، موضحة أنها دراسات تتوجه نحو دراسة تاريخ الأفكار بالدرجة الأولى، لكنها في الوقت نفسه، تتسع لتشمل مجالات الفكر والأدب، كما تتطرق إلى قضايا التحديث في العالم العربي، وصلتها بالسياسي والفكري.
واعتبرت مؤسسة الجائزة أن كتاب عبد الله العروي “الإيديولوجيا العربية المعاصرة” (صدر سنة1967) يمثل إعلانا عن مرحلة جديدة من قراءة تاريخ الثقافة العربية الحديثة وأوضاع فكر النخبة فيها .
وشددت (جائزة الشيخ زايد للكتاب) على أن امتزاج الدراسة الفكرية بالعمل الروائي والترجمة، في أعمال عبد الله العروي، والتي امتدت على مدى أكثر من خمسين سنة، “تؤكد بوضوح أن عبد الله العروي مترسخ في المعرفة، متشبث بمواجهة عوائق التحديث، دائم الرحلة بين الممارسة الفكرية والممارسة الأدبية. وهذه الخصيصة الموسوعية لكتابات العروي هي ما يعطيه مرتبة استثنائية في الثقافة العربية الحديثة، لما توفره من قدرة على التأمل والتحليل والتفسير لقضايا تشغل بال كل معني بالأسئلة الصعبة لزمننا الحديث . ”
وأكد البيان على أن أعمال عبد الله العروي تشكل ” اليوم ذخيرة حقيقية للثقافة العربية لا تنحصر فاعليتها في المرحلة السابقة، أي منذ السبعينيات من القرن الماضي، بل تكمن فيما تفتحه من آفاق واسعة في المستقبل للبحث والدراسة والإبداع” . وأوضح في هذا الصدد أن أعمال العروي تسير في اتجاهات متعددة ومتقاطعة، تلتقي في منظومة فكرية لها أسسها النظرية في الرؤية الفلسفية وفي المعارف المتصلة بها.
وخلص إلى أن إنتاجات عبد الله العروي وإسهاماته تؤلف مدرسة راسخة في النظرة النقدية وفي المواقف المعرفية التي عملت على بلورته،مشيرة إلى أن تأكيد هذه الأعمال على الحداثة الفكرية في الممارسة السياسية والثقافية، اختيار نابع من العمق الثقافي لصاحبها ومنظوره النقدي الفاحص ومتابعته الدقيقة لأسئلة وقضايا المجتمع العربي الحديث .
وإلى جانب (جائزة الشيخ زايد لشخصية العام الثقافية)، تتوزع جائزة الشيخ زايد للكتاب إلى ثمانية فروع أخرى تشمل (جائزة الشيخ زايد للتنمية وبناء الدولة) و(جائزة الشيخ زايد لأدب الطفل والناشئة)، و( جائزة الشيخ زايد للمؤلف الشاب)، و(جائزة الشيخ زايد للترجمة)، و(جائزة الشيخ زايد للآداب)، و(جائزة الشيخ زايد للفنون والدراسات النقدية)، و( جائزة الشيخ زايد للثقافة العربية في اللغات الأخرى)، و( جائزة الشيخ زايد للنشر والتقنيات الثقافية).
وكانت مؤسسة (جائزة الشيخ زايد للكتاب)، قد أعلنت في وقت سابق عن أسماء الفائزين في دورتها الحادية عشرة 2017-2016. حيث فاز الكاتب اللبناني عباس بيضون بجائزة فئة (الآداب) عن روايته “خريف البراءة”، والمفكر السوري محمد شحرور بجائزة فئة (التنمية وبناء الدولة) عن كتابه “الإسلام والإنسان – من نتائج القراءة المعاصرة”، وفازت الكاتبة الكويتية لطيفة بطي بجائزة فئة (أدب الأطفال والناشئة) عن كتابها “بلا قبعة”.
كما فاز الباحث والمترجم اللبناني زياد بوعقل بجائزة فئة (الترجمة) عن كتاب “الضروري في أصول الفقه لابن رشد” والذي نقله للفرنسية، و فاز الباحث العراقي سعيد الغانمي بجائزة فئة (الفنون والدراسات النقدية) عن كتابه ” فاعلية الخيال الأدبي”، كما فاز الألماني ديفيد فيرمر بجائزة فئة (الثقافة العربية في اللغات الأخرى) عن كتابه “من فكر الطبيعة إلى طبيعة الفكر”، في حين فازت (مجموعة كلمات) من الامارات العربية المتحدة بجائزةºفئة (النشر والتقنيات الثقافية).
وكشف مجلس أمناء الجائزة في بيان سابق عن حجب الجائزة في فرع (المؤلف الشاب) لأن الأعمال المشاركة لم تحقق المعايير العلمية والأدبية ولم تستوف الشروط العامة للجائزة .
وتعد جائزة الشيخ زايد للكتاب، التي تم إحداثها سنة 2006، جائزة مستقلة، تمنح كل سنة للمبدعين من المفكرين، والناشرين، والشباب، عن مساهماتهم في مجالات التأليف، والترجمة في العلوم الإنسانية التي لها أثر واضح في إثراء الحياة الثقافية، والأدبية، والاجتماعية، وذلك وفق معايير علمية وموضوعية.
وتهدف الجائزة، إلى تكريم المفكرين والباحثين والأدباء الذين قدموا إسهامات جليلة وإضافات وابتكارات في الفكر، واللغة، والأدب، والعلوم الاجتماعية، وفي ثقافة العصر الحديث ومعارفه، إلى جانب تكريم الشخصيات الفاعلة التي قدمت إنجازات متميزة على المستويين، العربي أو العالمي، وتعريف القارئ بتلك الإنجازات، وربطه بالتجارب الإبداعية، وبالمنجزات الفكرية الجديدة والفاعلة.
كما تتوخى تشجيع إبداعات الشباب، وتحفيزهم على البحث، وخلق روح التنافس الإيجابي في هذا القطاع الحيوي الفاعل الذي يمثل حاضر الأمة ومستقبلها.