قال بدر عبد الحفيظ عفيف، ممثل المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية، إن الفساد يُعرَّف فقهيا بإساءة استخدام المنصب من أجل منافع شخصية، مبرزا أن القانون الجنائي المغربي لم يعرف الفساد، بل فقط ذكر بعض مظاهره؛ مثل الرشوة واستخدام النفوذ، مرجعا ذلك إلى كون “خصائص الفساد تجعل من المتعسر الإحاطة به بشكل شامل”.
وأوضح عفيف، خلال الندوة التي نظمتها ترانسبرانسي تحت عنوان “دور أجهزة الرقابة من أجل تدعيم الحكامة ومحاربة الفساد”، أن جرائم الفساد متطورة، مشيرا إلى أنه ما إن تعتمد تشريعات لبعض مظاهره حتى تظهر جرائم جديدة ترتبط فيما بينها، مردفا: “كلما تم تطويق الجرائم، كلما اجتهد المفسدون لإظهار أشكال جديدة”.
المتحدث شدد على وجود مجموعة من الأفعال التي من المفروض أن تندرج ضمن “أفعال الفساد”، “لكن لا يتم التنصيص عليها”، معللا ذلك بكون جرائم الفساد تكون ذات طابع مستتر من الصعب الكشف عنها؛ مثل الرشوة، وتسريب المعلومات، وتبييض الأموال.
عفيف استنكر غياب التنسيق بين أجهزة الرقابة بالمغرب، داعيا إلى “ضرورة التنسيق الفعال فيما بينها، مع ضمان الالتقائية بين مجموعة من الأنظمة القانونية التي تعالج الفساد”.
وأكد المتحدث أن المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية تتبع ترسانة قانونية خلال عملها، موردا أن “عملية التفتيش هي مسيجة بضمانات قانونية وإدارية، كما أن هناك صعوبة قانونية يواجهها المفتش في الضبط التشريعي”، مشددا على أنه خلال عمليات التفتيش بمختلف الجماعات الترابية، يتم اكتشاف مجموعة من مظاهر الفساد؛ من بينها إعفاءات غير قانونية لملزمين من أداء الرسوم على عمليات البناء، وأخطاء في التصفية بأداء مبالغ تفوق تلك المستحقة، والتهاون في استخلاص الرسوم الجبائية، معتبرا أن “استغلال المعرفة المسبقة يؤدي إلى ريع عقاري” .
من جانبه وجه عبد العزيز المسعودي، عضو المكتب التنفيذي لتراسبرانسي المغرب، في كلمته، انتقادات كثيرة لكل من المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية والمفتشية العامة لوزارة الاقتصاد والمالية، طارحا إشكالية استقلالية الأجهزة.
وقال المسعودي إن وجود المفتشية العامة للإدارة الترابية وتاريخها “عليهما نقطة استفهام”، مردفا: “هي استمرار لمنظومة وضعها وزير الداخلية السابق إدريس البصري، ولم تتغير حتى بعد مرور 20 سنة”، بحسب تعبيره.
وتحدث المسؤول في ترانسبرانسي عن تقرير المجلس الأعلى الحسابات حول الجبايات المحلية للعام الماضي، وقال عنه إنه يعكس فوضى كبيرة، متسائلا: “ما قيمة المفتشية العامة للإدارة الترابية في ظل هذا الوضع؟”، ومشددا على ضرورة أن تساهم هذه الأجهزة في التفتيش بمفهومه الضيق، ومحاولة إيجاد الأسئلة الحقيقية للاختلالات.
منى المتوكل، ممثلة المفتشية العامة لوزارة الاقتصاد والمالية، حاولت أن تدافع عن عمل المفتشين في هذه الهيئة، قائلة إنهم “هرميا مرتبطون بوزارة الاقتصاد والمالية، لكن المفتشين يكونون مسؤولين عن تقاريرهم، وهي مسؤولية كبيرة”، بحسب قولها، موردة أن “عددا كبيرا من المفتشين تم استدعاؤهم من طرف القضاة كشهود أو من أجل إثبات ما جاء في تقاريرهم (…) ليس لنا الحق في تقييم الأشياء فهذا دور القضاة، نحن فقط نقوم بالتفتيش والبحث عن الفوارق، بتعبير المتوكل”.