قامت في الفترة الأخيرة الكثير من الشركات الكبرى على غرار “فيس بوك” و”آبل” بتشجيع موظفاتها على تجميد بويضاتهن، واقترحت عليهن تحمل النفقات حتى يتفرغن كليا للعمل ولا يخسرن في نفس الوقت حقهن في الإنجاب.
فكيف يتم تجميد البويضات ومتى يتم اللجوء لهذا الحل؟ وما هي درجة رواجه في المجتمعات؟
أثارت ظاهرة تجميد البويضات ضجة إعلامية وفتحت الباب لمختلف التقييمات الأخلاقية، خصوصا بعد أن اقترحت شركات كبرى على غرار “آبل” و”غوغل” على موظفاتهن هذه “الخدمة” لتتمكن من التوفيق بين حياتهن المهنية والشخصية. لكن تجميد البويضات ليس إنجازا جديدا بل اكتشف في ثمانينات القرن الماضي وعرف منذ ذلك الوقت تقدما كبيرا. فكيف يتم تجميد البويضات ومتى تلجأ النساء لهذا الحل؟
تجميد البويضات
تبدأ عملية تجميد البويضات أولا بتحفيز المبيض على إفراز البويضة. فيقع تجفيفها من الماء كليا بعد الحصول عليها، حسب الدكتور منير عجينة، الأستاذ في علم الأجنة والمسؤول عن وحدة طب الإنجاب بأحد المستشفيات بتونس. ويجب أن تتم العملية في بضع دقائق بهدف المحافظة على شكل البويضة، ثم تحفظ في درجة حرارة منخفضة 196 درجة تحت الصفر وتستخدم العديد من مضادات الصقيع الخلوية قبل أن توضع البويضة في سائل الآزوت.
وعندما ترغب المرأة لاحقا بإنجاب أطفال، يذاب ثلج البويضة ويتم تخصيبها.
لكن نسبة نجاح عملية تجميد البويضات السريع أقل من نسبة نجاح تجميد الأجنة لأن هناك احتمال تلف الجينات أو الكروموسومات وذلك لعدم وجود المناخ الملائم في غالب الأحيان، حسب منير عجينة، فعادة لا يبقى من البويضات إلا ثلث منها.
حالات اللجوء لعملية تجميد البويضات
حالات اللجوء لتجميد البويضات عديدة منها تعرض سيدات لخطر التوقف عن الإباضة إثر عملية جراحية أو إثر استخدامهن علاجا بالأشعة أوعلاجا كيميائيا، حسب المخبر الكندي “بروبريا كلينيك“.
ويمكن اللجوء لهذه العملية أيضا في حال المعاناة من أمراض المناعة الذاتية التي تتطلب استخدام أدوية تحوي مواد يمكن أن تسمم الغدد أو المعاناة من مشاكل خطيرة في بطانة الرحم. ومن الأسباب الأخرى غياب حيوانات منوية للقاح خلال عملية زراعة طفل الأنبوب، فتجمد البويضات في انتظار حيوانات منوية كافية.
وغالبا ما يكون تجميد البويضات خيارا شخصيا لتأجيل الإنجاب أوعند التخوف من بلوغ سن اليأس مبكرا.
تجميد البويضات بين الأخلاقيات والبيولوجيا
لم تلجأ بعد بعض الدول العربية لهذا الحل البيولوجي الذي يخضع في دول أخرى لضوابط وقوانين أخلاقية كحضور الزوجين وإثبات استمرار الزواج حتى تتم عملية اللقاح.
وفي حين تعطى الأولوية في المجتمعات لتطور الحلول الطبية حيث أصبح من الممكن أن تضع امرأة بويضاتها للتجميد في أحد المخابر وأن يتم التبرع بها -على غرار التبرع بالأعضاء -. ويتم التبرع بهذه البويضات عند الطلب لامرأة تشكو من العجز عن الإباضة أو امرأة في سن اليأس، فيتم زراعتها داخل رحمها. وهذا جعل هذه العمليات تتضاعف في الغرب كحل لمشاكل العجز عن الإنجاب، ففي فرنسا مثلا نجحت ثماني ولادات سنة 2013 إثر عملية تبرع بالبويضات المجمدة.
كما أن شركات كبرى في العالم أصبحت تستغل هذه العمليات للحفاظ على تقدم أرقام ربحها فأصبحت “آبل” و”فيس بوك” تشجع موظفاتها على تجميد بويضاتهن وتتكفل هي بمصاريفها ليتفرغن للعمل ولا يطلبن عطلة أمومة، لكن ذلك أثار موجة من الانتقادات الأخلاقية رأت فيها تدخلا في الحياة الشخصية واستعبادا للموظفين.
وتواجه الحلول الخاصة بالإنجاب في أغلب الأحيان نقدا أخلاقيا صارما خصوصا في المجتمعات العربية، ففي بعض البلدان يعتبر طفل الأنبوب محرما، ويثير من جهته حل الأم البديلة بعض الاحتجاجات في مجتمعات غربية.