“الريّاضة تكافح الكآبة”، مقولة شائعة نسمعها كثيراً من غير أن نعرف ما يختبئ وراءها أو آلياتها. فهل تساءلت يوماً عن السبب الذي يجعلك تنسى همومك عند ممارسة التمارين الريّضية؟
سلطة التمارين الرياضية على الكآبة:
تجمع الدراسات منذ زمن على أنّه بإمكان من يمارس الرياضة التغلّب على الكآبة بسهولة. إذ يثبت الباحث George Mammen من جامعة تورونتو الكندية في دراسة له نشرت في تشرين الأول/أكتوبر 2013 في الـ American Journal of Preventive Medicine، أنّ ممارسة التمارين الرياضية باعتدال يمنع حصول نوبات الاكتئاب على المدى الطويل. وتعتبر هذه الدراسة الأولى من نوعها لأنها تركّز على الدور الذي تؤديه الرياضة في الحفاظ على الصحة النفسية ومنع ظهور الاكتئاب في مراحل متقدّمة من الحياة. وقد أتت هذه الدراسة في وقت، كان يبحث فيه الأطباء عن بديل من الأدوية المكافحة للاكتئاب، وأثبتت أن التمارين الرياضية خير بديل منها. كما وأكّدت دراسة لجامعة Bern السويسرية صدرت في أيلول 2014 أنّ التمارين الرياضية لها نفس تأثير الأدوية المضادة للكآبة والمهدّئات على الكآبة نفسها. إذ اتّضح أنّ التمارين الرياضية وسيلة فعالة للحد من أعراض الاكتئاب، فهي بمثابة مكمل أو حتى بديلة من الدواء في حالة الاكتئاب.
كيف تسيطر التمارين الريّاضية على الكآبة؟
بحسب باحثو موقع الـ Mayo clinic، تحدّ التمارين الرياضية من الكآبة وتمنع حصولها من خلال إفراز مواد كيميائية في الدماغ تمنح الفرد شعوراً جيّداً يحارب الاكتئاب كالأندروفين التي تعمل كالمسكنات مما يعني أنها تقلل من الإحساس بالألم. كما تحدّ التمارين الرياضية من المواد الكيميائية في جهاز المناعة المحفزة لحصول الكآبة. هذا فضلاً عن زيادة درجة حرارة الجسم والتي قد يكون لها آثار مهدّئة. ومن جهة أخرى، تعمل التمارين الرياضية على تعزيز ثقة الفرد بنفسه من خلال تحقيق أهداف التمارين والتحديات الصغيرة منها والكبيرة، وتساعد الفرد على طرد القلق من ذهنه والتخلّص من همومه، فيشعر بالراحة. ويؤكّد باحثو موقع الـ Webmd أنّ التمارين الرياضية تخفف من الإجهاد، القلق والاكتئاب، تعزز احترام الذات والثقة بالذات وتحسّن القدرة على النوم.
وفي حديث لـ “النهار”، توضح فانيسا غصوب، وهي الاختصاصية الغذائية والمدرّبة الرياضية في عيادة Svelte أنّ جميع الأفراد الذين يمارسون التمارين الرياضية يتمتّعون بصحة جيّدة وهم اكثر سعادة، وذلك بحسب الدراسات العديدة التي تثبت ذلك. وتضيف بأنّ الذين يمارسون الرياضة يتمتّعون بجسم نحيل ورشيق، ممّا يجعلهم واثقين من نفسهم وأكثر سعادة، بعكس الذين لا يمارسون الرياضة ويعانون من مشكلات مع أجسامهم ممّا يقودهم إلى الكآبة. إذاً، يضطلع المظهر بدور هام في الكآبة لدى الأفراد. وتضيف غصوب أنّ ممارسة التمارين الرياضية تفرز هرمونات السعادة كالسيروتونين والاندروفين مباشرة بعد الرياضة. كما أنّ المرأة الأم التي تهتم بأولادها تمرّ في حالات من الاكتئاب لأنها تهمل نفسها. لذلك، تنصحها غصوب بإدخال الرياضة إلى حياتها لمدّة ساعتين بالأسبوع على الأقلّ. وتشير إلى أنّ “المعدّل الأفضل لممارسة الرياضة يكون لثلاث ساعات، قد تصل إلى خمس ساعات إلاّ أنّ ذلك يصبح سلاحاً ذا حدين”. وتضيف غصوب بأن الذين يعانون من ضغط نفسي، يستطيعون ممارسة الرياضة يومياً للتنفيس عن غضبهم. إلاّ أنها لا تنصح في ذلك في حال كان الفرد يحمل أوزاناً كبيرة، إذ يجب عدم القيام بذلك يومياً لأنه سيؤدي إلى تمزّق العضلات. وتختم غضوب قائلة “إنّ جميع أنواع الرياضة مفيدة، إذ يجب علينا اختيار الرياضة التي تتطابق معنا ونحب ممارستها”، وتعطي، مثلاً، “الزومبا” التي هي رياضة سريعة، ومزيج من الرقص والـ Cardio.