شفيق البوعزاوي “نهى بريس”
قاسم لحرش سجين بمؤسسة عكاشة لإعادة الإدماج، اعتقل بتهمة القتل العمد ليرفع القاضي مطرقته معلنا الحكم على الجاني بعقوبة السجن لمدة خمسة و عشرين سنة والتي أدى منها عشر سنوات.
قاسم لا ينكر جرمه و لا يطالب بالحرية التي هدرها بسبب مشاجرة بسيطة مع ابن عمه تهور خلالها ليزهق روحه و يدفع 25 سنة من عمره ثمنا لها،بل أحس بالذنب و عاتب نفسه كثيرا و قرر تهذيبها و إصلاحها، لذا اتخذ قرار استئناف الدراسة داخل أسوار السجن حتى أصبح بالمستوى الثاني إعدادي، ليتم نقله مؤخرا من جناح الطلبة لجناح آخر وصفه ب”جناح الموت” رفقة زملائه بسبب حيازته لهاتف نقال، كما أخبرنا بأنه في هذه السنة لم يتم إقدام معلمين لأجل تدريسهم وضع مزر يعيشه السجين قاسم لحرش رغم توسلاته لمدير المؤسسة التي تجاب بالرفض. فكل مايطالب به قاسم هو إرجاعه لجناح الطلبة حتى يكمل دراسته في ظروف أحسن.
وضع تتبادر معه إلى الذهن مجموعة من الأسئلة حول الدور التربوي للمؤسسة السجنية و مدى نجاعتها في ادماج السجين و عن التقسيم الطبقي للأجنحة بين السجناء حيث تتحول من مؤسسة سجنية لمجموعة من الفنادق تتفاوت فيها الخدمة ووسائل الرفاهية لمن يدفع اكثر.
فالوظيفة الأولية للسجن هي وظيفة إصلاحية أكثر منها زجرية عقابية غير أن المؤسسات السجنية بالمغرب قد أبانت عن نتائج فاشلة، فهي تسهم في إعادة تدوير الجريمة عوض محاربتها، و أصبحت مرتعا يتم بداخله تكوين العصابات الشذوذ الجنسي، تداول المخدرات أمام تواطؤ إدارة السجون و تفشي الرشوة المحسوبية و الزبونية بداخلها.
فأسوار السجن قد تضم أشخاصا حكموا و هم أبرياء أو قادتهم الظروف لارتكاب جرائم بسيطة ليكسبهم احتكاكهم بالمجرمين المحترفين و الخطيرين خبرة أكبر فيزيدهم السجن إجراما نظرا لسياسة المؤسسة السجنية التي لا تفصل بين السجناء، فتضع المبتدئ مع الخبير و هكذا دواليك، فيتحول السجن من مؤسسة إصلاحية الغاية منها تأهيل السجين و إعادة إدماجه داخل المجتمع لمؤسسة لتلقين الإجرام بمختلف أشكاله .