تفـاصيل مجرزة الجديــدة.. أسبـاب تجمع بين الخيـانة الزوجيـة، المخدرات والمرض النفســي

[[ نهى بريس ]]26 أبريل 2016
تفـاصيل مجرزة الجديــدة.. أسبـاب تجمع بين الخيـانة الزوجيـة، المخدرات والمرض النفســي

2542016-56ea8

 عبد الله غيثومي (الجديدة)

لم تكن زاوية سايس الجماعة القروية تظن أن أجواء احتفالاتها قبل أيام بالمعرض الثاني لأشهر خرقة جلباب ببلادنا، ستنقلب رأسا على عقب، وأن وسائل الإعلام بمختلف أشكالها ستحل بترابها لنقل تفاصيل أبشع مجزرة في تاريخ بلادنا من حيث عدد ضحاياها الذي وصل إلى 10 أشخاص برابطة دم مع الجاني، الذي لم يكن إلا مؤذن مسجد دوار القدامرة الذي كان يؤذن في الناس بالصلاة …

مدمن كيف ومسكنات

في ربيعه 45 وببنية قوية كانت تساعده على حرث قطعة أرضية مجهرية بفعل التوارث وبرصيد فلاحي لايتجاوز بقرتين وعجلين. كان عبد العالي ذكير، بدون مستوى دراسي والمتزوج والأب لأربعة طفلات بين 13 و5 سنوات ، يعيش في منزل من ثلاث غرف مع والديه المسنين. ذكر أخوه محمد أن ما يعرف عنه أنه مدمن على تناول نبتة الكيف مع بعض أقرانه، وعلى بعض المسكنات الطبية التي وصفت له من طبيب معالج منذ أزمة نفسية حلت به سنة 1992، وأنه لم يكن يداوم على الدواء ما جعل نوبات تنتابه مرة تلو أخرى .
وأفاد شيخ الدوار أن عبد العالي كان يؤذن في الناس بالصلاة بمسجد القدامرة بالدوار مسرح الجريمة، وأنه ظل يحمل معه أزمته النفسية الصامتة، لكنه قبيل أيام من فعلته هاته ، أحرق كل أوراقه الثبوتية بما في ذلك كناش الحالة المدنية، وكأنه بذلك كان يعد العدة لهذه المجزرة الرهيبة التي خلفت صدمة نفسية قوية للدوار ولسكانه .

رواية شقيقة المتهم

حكى أخو المتهم أن عبد العالي قابله صباحا على الساعة 6 وأخبره  أنه متجه إلى السوق الأسبوعي لسبت سايس، وكان يسوق بهيمة لبيعها  للإنفاق على عائلته الصغيرة .
وواصل شهود عيان أن عبد العالي فعلا باع البهيمة بمبلغ 1700 درهم ، وأنه اقتنى لحما وخضرا مخصصة للكسكس، وقفل على غير عادته راجعا بسرعة إلى الدوار وكأنه يستعجل شيئا ما خطر له .
دخل المنزل متسللا وبعد أن وضع كيسا بلاستيكيا أزرق اللون بالمطبخ، تفقد زوجته التي كانت عند الجيران، نادى عليها بصوت عال “سعيدة  واسعيدة” ، وهي المناداة التي كان لها رجع صدى بكل أرجاء المنازل المجاورة. عادت الزوجة تسرع الخطى وبمجرد أن ولجت فناء المنزل عاجلها بضربة قوية وأحكم وضع رأسها بين رجليه ثم قام بذبحها، مؤكدا في تصريحاته الأولية أنه قتلها بدافع الغيرة لأنه كان يشك في خيانتها له، خرجت أختها لاستطلاع الأمر فأجهز عليها هي الأخرى ثم واصل هيجانه بذبح والدة زوجته  وذبح والديه اللذين تدخلا  دون رأفة ولا شفقة، وقرر أن ينتقل إلى منزل أخيه المجاور لمواصلة إراقة الدماء فأزهق روح زوجة أخيه وبنت أخيه، وفي الطريق صادف خال زوجته فقتله ثم تجول بسكينه وواصل عملية الذبح.

ساعتان من المفاوضات مع الدرك

لم تقف خطورة القاتل بل لوح برفع عدد ضحاياه ، لما احتجز بناته الأربع درعا بشريا للتصدي لأي مداهمة أمنية لغرفة من 4 أمتار مربعة، وتبادل دركيون، خلال ساعتين معه، حوارا وديا للإفراج على رهائنه، لكنه في لحظة كشف عن نيته في تصفيتهن وخاطبهم “إلا قربتو ليا غادي نذبحهوم”، وأخذ يرشق الدركيين بكؤوس وأوان وغيرها، بينما الصغيرات في مشهد مؤسف يستعطفن والدهن الهائج، أنذاك بدا أن الحوار معه غير مجد، فحلت فرقة تدخل سريع بالقيادة الجهوية بالجديدة بمرآة عاكسة لتحديد وضعيته.

لحظة الصفر

بدأ الوضع يتأزم مع مرور الدقائق وزادت خطورة المتهم والتخوفات من  الإجهاز على الصغيرات، وبمقابل ذلك سمع  أزيز مروحيتين على متنهما كومندو متخصص في التدخل في مثل هذه الحالات مكون من 25 فردا من ثكنة عين حرودة. تخلخل تركيز المتهم وهي اللحظة التي أصدر فيها الكولونيل عبد المجيد الملكوني، القائد الجهوي للدرك الملكي بالجديدة ، تعليمات إلى عناصره بتفادي استعمال الكروموجين مخافة أن تكون إحدى الصغيرات المحتجزات تشكو من الربو.
وفي لحظة عدم تركيز من المتهم القوي البنية المفتول العضلات، أطلق دركيون دخيرة حية في الهواء ، وفي لحظة الصفر سددوا له طلقات بمفعول كهربائي أصابته في رجليه فخر أرضا وهي اللحظة التي تم الانقضاض فيها عليه وتصفيده بعد مقاومة أصيب فيها دركيان، وتم تخليص الطفلات المذهولات بمسلسل دموي قتلت فيه والدتهن وجدهن وجدتهن وخالتهن .

خلية أزمة

بمجرد تلقيه خبر الفاجعة من طرف حميد أفطواش قائد سايس، شكل معاذ الجامعي، عامل إقليم الجديدة، خلية أزمة تابعت الوضع أولا بأول وخاصة كرونولوجيا تخليص الرهائن، بينما كانت وزارة الداخلية والقيادة العامة للدرك الملكي على اتصال دائم بمسرح المجزرة، فيما تولت مروحية التحليق فوق المنزل وشوهد عنصران على متنها يصوران الوضع بواسطة كاميرات. ووسط حراسة أمنية مشددة تولى أمنيون يحملون بنادق رشاشة ودروع مقاومة للحجارة، إركاب المتهم في سيارة مجهزة بسياج حديدي خفرتها مجموعة من سيارت الدرك.

حصيلة ثقيلة

عرف إقليم الجديدة عبر تاريخه مجزرتان واحدة بأولاد افرج عندما صفى أب زوجته وبناته الأربع ودفنهن بالمنزل، وأخرى بتراب جماعة متوح عندما قتل شاب ثلاثة  أشخاص، لكن مجزرة سايس تعد الأسوأ بحصيلة 10 قتلى متجاوزة مذبحة البيضاء التي وصل ضحاياها إلى 6، وبذلك تكون فاجعة السبت الأخير بالجديدة الأبشع، وهو ماعجل بحضور عدد كبير من وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمواقع الإلكترونية ، في وقت استرجع الدوار بعض أنفاسه وبدأ ت عملية نصب خيام عزاء جماعي قرب المسجد الذي كان يؤذن فيه المتهم.
وتعالت أصوات نــواح وعويل كلما توقفت سيارات بترقيم مدن مغربيــة عديدة تقل المعــزين الذين تقـــاطروا على دوار القدامرة مسرح الفاجعة…مشفقـــين على حال البنات الأربع اللواتي بقــين بدون أب وأم وجدين وأقارب، ليتقرر التكفـــل بهن من قبل التعاون الوطني.

عن الصباح

error: Content is protected !!
مستجدات