ما زالت التصريحات التي أطلقها الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إلياس العماري، مباشرة بعد انتخابه، حول “مواجهة الإسلاميين، دفاعا عن المسلمين”، تثير حفيظة عدد من المنتسبين إلى التوجهات الإسلامية، خاصة السلفيين، الذين يعدون لخروج لم تتضح بعدُ معالمه، بغرض “الرد على العماري”.
وكان حماد القباج، الناشط السلفي والمنسق الوطني السابق لجمعيات دور القرآن، قد قال في سياق ذلك: “أتعجب من بعض المتدينين الذين يبخلون بأصواتهم في مواجهة هذا الحزب العدواني؛ بعد ما سبق لرجله الأول أن قال: “حزبنا جاء لمحاربة أسلمة المجتمع”، مضيفا “يحاول لف حربه على الإسلام بادعاء أنها حرب على الإسلاميين”.
واتهم القباج الأمين العام الجديد لـ”البام” بأنه “لم يتخلص بعد من نزعة التطرّف والكراهية التي تحمل على السلوك العدواني”، داعيا من وصفهم الصادقين من مناضلي الحزب ومناضلاته “الانفضاض من حوله، وأن لا يتورطوا في هذا التوجه الإقصائي الذي يهدد مسيرة البناء والتنمية في بلدنا”، على حد تعبيره.
أما الشيخ حسن الكتاني، فقال في تدوينة له على “فيسبوك”، “إلياس العمري افتخر أمامنا بصلاح أمه وأن أباه كان فقيها صالحا، فعلام يريد أن يكون حربا على دين أبيه و أمه؟”، مضيفا أن العماري”من بلاد الريف التي روت دماء رجالها ترابها حتى لا يحكمها العدو الكافر، وتبقى مسلمة تحكم بشرع الله، فعلام يريد محاربة الدعاة لشرع الله؟”.
محاولات الرد
وعلمت هسبريس أن عددا من المنتسبين إلى التيار السلفي، بمن فيهم رموز ما يسمى “السلفية الجهادية” من المفرج عنهم ما بين 2012 وأواخر 2015، يعدون للرد على إلياس العماري إما عبر بلاغ مشترك، أو وقفة احتجاجية أمام البرلمان، أو ندوة صحفية وعلمية، إلا أن المعطيات المتوفرة تشير إلى أن الاتفاق لم يحصل لحدود الساعة، “لكن المواقف سيتم الإعلان عنها في القريب”.
خالد الغزالي، المنسق الجهوي داخل مشروع “الحركة الدعوية” التي يشتغل عليها كل من المشايخ المفرج عنهم، حسن الخطاب وعبد الرزاق سماح، نفى في تصريح لـ”هسبريس” أن يكون تحضير أو تجهيز لشكل احتجاجي، “لكن إذا اتفق الإخوة على احتجاج سأكون من المشاركين فيه لأن هويتنا أغلى وأرقى من أي فعل سياسي، ونحن مسلمون بالفطرة، ولا نرضى أن تمس هويتنا”.
واستغرب المتحدث “أن تصدر تلك التصريحات عن مسؤول سياسي وأمين عام لحزب له مركزيته داخل الجسم السياسي”، مشددا على أن “إحداث الخلاف المفتعل بين اليسار المتطرف والإسلاميين هي نعرة ينبغي أن يتحرر منها اليسار القديم”، فيما دعا القادة والفاعلين السياسيين المغاربة إلى “أن يترقوا بأخلاقهم ومستوى طرحهم حتى لا ننجر إلى معركة خاسرة ترمي إلى إحداث الخصومة مع الإسلاميين”.
وأورد الغزالي أن الإسلاميين في المغرب أثبتوا “عن جدارة في تطلعاتهم للإصلاح وراقون في طرحهم”، مضيفا أن لديهم “مشروع إسلامي إصلاحي قابل للتطبيق على أرض الواقع في المغرب”، فيما قال إن “معظم من هاجموا الإسلاميين لم ينظروا في مضمون مشروعهم”، على أن “التفريق بين الإسلام والإسلاميين وإحداث صراع مع اليسار يجب الترفع عنه”، وفق تعبيره.
معزوز: لا مبرر للهجوم
محمد معزوز، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، قال إن إلياس العماري تحدث إثر انتخابه أمينا عاما للحزب “عن الأخطار الفكرية والسياسية التي تحدق بثوابت الأمة، ومنها أخطار الترويج المغلوط لمفاهيم ديننا الإسلامي الحنيف”، والمتمثلة في “الدعوة إلى التكفير وإقصاء الرأي الأخر والتضييق على الحريات، وتسييس الدين وتديين السياسة”.
إلى جانب خطر “السعي الى دولة الخلافة من منظور وهابي لا مكان فيها للديمقراطية والانفتاح والتقدم”، يضيف معزوز في تصريح لهسبريس، أوضح أن “الدين المغاربة هو الإسلام الصحيح الذي توارثوه عن أجدادهم وآبائهم القائم على التوافق التاريخي على المالكية بوصفها إطار الوسطية والاعتدال وعلى مذهب الجنيد في التصوف”.
معزوز اعتبر أن طبيعة الوسطية والاعتدال هي ما تطبع “دين المغاربة الذي يشكل أصالتهم، وهذا ركن من أركان المرجعية الفكرية للأصالة والمعاصرة”، مشددا على أن مهاجمة البعض لإلياس العمري “لا مبرر لها، لأنهم فهموا خطأ ما قصده بمهاجمة للإسلامويين الذين يمتحون مرجعيتهم من غير المرجعية المغربية”، وفق تعبيره.