سعد فوزي – باريس “نهى بريس”
كثر الحديث في الأسابيع الغابرة عن كرة القدم الوطنية و خرج فلاسفة الكرة ومنظريها كالعادة للإعلام من أجل تصويب رشاشاتهم الإعلامية صوب رجال المرحلة محمد فاخر وبادو الزاكي، و عاد الى المشهد سؤال يطرح نفسه بقوة، هل كرتنا ضعيفة الى هذا الحد؟ حتى أننا لم نعد قادرين علي تجاوز الأدوار الاولى في المسابقات القارية، أم لنقلها بصراحة أننا لسنا بلد لكرة القدم، ولم نكن يوما قط!
لنكن علمين في تطرقنا للموضوع، ولنبحث في تاريخ كرتنا علي الصعيد الأفريقي و العالمي، فمن لاماضي له لا حاضر له، منتخبنا حائز على كأس افريقيا واحدة منذ ١٩٧٦، كأس لا يتذكر جيلي شيء عنها. حدث أصبح في الماضي الغابر، كأننا نتحدث علي منجزات في عهد الجوراسي.
استغرقنا أزيد من عشرة سنوات بعد ذلك لنتمكن من بلوغ المحفل الدولي كأس العالم ١٩٨٦ بفريق طفرة يحكى أنه كان ظاهرة عصره أنداك. تكررت الإخفاقات و تعددت الوسائل ووصلنا إلى نهاية كأس إفريقيا بتونس في ٢٠٠٤ بعد و صول متكرر لكأس العالم لمرتين كنّا فيهم ضيوف خفيفين الظل.، إذن أين نحن من إنجازات أسياد إفريقيا كمصر و الكاميرون و نيجيريا حاليا؟
إننا فريق دون المتوسط تاريخيا في الإنجازات الرياضية، لكن هناك حاليا فرق و منتخبات لا تاريخ كروي لها إلا أنها تبصم اليوم على حاضر حافل، كاليابان و الصين. إذن إنها مسألة إستراتيجية عمل تبنى على مستوى عقود لإنتاج منتوج كروي جيد وًمتطور، حال كرتنا كباقي القطاعات الصناعية في المغرب يشوبها نوع من الارتجال و أخد بسبل ترقعية مبنية على إملاءات خارجية من الفيفا و الاتحاد الأفريقي.
حتى على مستوى تسير كرتنا، في كل مرة نستقدم رجال دولة، من حسني بنسليمان و جنرالات أخرون الي علي الفاسي الفهري و لقجع، الي متى ستسير كرتنا أو رياضتنا بالأحرى برجال من خارج الميدان الرياضي ؟ ألم يحن الوقت على أن يكون لنيبت مكانة كمسير أول لكرةًالقدم مثلا؟ أم كالعادة سنستنجد بالكفاءات الأجنبية و نكون مرحلة من مراحل مهنية لهذه الكفاءات ؟
ألم يحن الوقت لنقرر مصيرنا بنفسنا ونبني نمودج ناجع وناجح لكرتنا، ففوز ألمانيا على البرازيل بنتيجة تاريخية لم يكن عمل صدفة بل ثمرة لبحوث طلبة معاهد الرياضة في ألمانيا. مدرب المكنات الألمانية هندس تكتيتك فريقه بناءا على أطروحات دكاترة باحثين عملوا لشهور و بطريقة مدققة لاستنباط نقط القوة و الضعف للاعبي المنتخب البرازيلي. فوز ألمانيا بكأس العالم هو عمل استراتيجي محكم مبني على منظومة علمية سيكولوجية دامت لأزيد من عشر سنوات.
إذا كان المغرب الفاسي قد فاز بثلاث كؤوس وطنية و قارية و في مدة وجيزة لاتتعدى ١٨ شهرا، فلماذا لا نقوم بدراسة علمية معمقة لهذه الإنجازات نستخلص فيها المكانزمات المعتمدة التي نجح المدرب رشيد الطاوسي في زرعها في الفريق من أجل حصد الألقاب علي الصعيد الأفريقي؟ تعميم هذه الدراسة على الفرق الوطنية سيكون فأل خير علي الكرة الوطنية و تجعل لنا نمط خاص في لعبنا لكرة القدم و تعيد بريق فرقنا الوطنية علي غرار منجزات الفرق المصرية أو التونسية.
محمد فاخر و بادو الزاكي، أعدوا فريق حسب معطياتهم، لم ينجحوا في تجربتهم، لكن يحترمون لتحملهم المسؤولية و إعترافهم بأخطائهم، رغم تجربتهم الطويلة في الكرة الوطنية، لكن إقالتهم في هذا الوقت بالذات لن يخدم مصلحة كَرتنا المثقوبة، و الإستنجاد بمدرب جديد للمنتخب الوطني، الثعلب هرفي، كمرقع لكرتنا و مصلح لثقوبها الكثيرة، وسيم إفريقيا سيحضر للمغرب بعقد خرافي من أجل السياحة الرياضية، كما جاء قبله غريس أو هنري ميشل،سيستقطب بعض اللاعبين الأجانب من أصول مغربية لحكم علاقاته بأوربا ، ثم في نهاية مساره سيحدثنا عن ضعف لاعبينا ومنظوماتنا الكروية.
فبالله أقيلونا من إرتفاع السكر والضغط إذا لم نكن بلد لكرة القدم و لنبذر وقتنا في العلم و القلم فبدون علم لن نتقدم.