سكينة بنعلال //نهى بريس//
كل المؤشرات تؤكد أن مدينة إفران التي دأبت على احتضان أكبر مهرجان في المنطقة وهو مهرجان تورتيت الدولي ،ستعيش هذه السنة محرومة من هذه التظاهرة الدولية التي خلقت الحدث طيلة العشر السنوات الأخيرة ، هذا المشروع الثقافي والإبداعي الذي جاء لمواكبة برامج التأهيل الحضري لهذه المدينة ، والذي راكم تجربة جد مهمة في ظرف زمني قياسي، وأصبح يعد من أهم المهرجانات الوطنية ،حيث خلق دينامية وحراكية تنمويية غايتها التعريف بالتراث المحلي والثروات الطبيعية والثقافية المتوفرة في الإقليم والمناطق المحيطة به، هذا المشروع يسير نحو المجهول ، ولا يبدو في الأفق ما يؤكد أن للمسؤولين على المدينة من سلطات محلية ، وهيئات منتخبة ، أية رغبة في الحفاظ على هذا المكسب الذي أصبح مرجعا مهما لعدد من المهرجانات الوطنية ، والذي سخر له كل المسؤولين الذين تعاقبوا على تسيير شؤون المدينة جميع الوسائل لإنجاحه لإيمانهم بأن مثل هذه التظاهرات الثقافية والفنية والرياضية تساهم في تسويق المنتوج السياحي وطنيا ودوليا،وفي الانفتاح على ثقافات وفنون جهات أخرى.
مدينة إفران لم تكن يوما في حاجة للتعريف بمؤهلاتها الطبيعية ، حيث تجاوز صداها حدود الوطن ، لكن ثقافتها وتراثها ومؤهلات أبنائها سواء في المجال الرياضي أو الفني أو الثقافي ظلت محدودة إلى أن جاء مهرجان تورتيت الدولي الذي نفض الغبار عنها ،لأن المناظر الطبيعة وحدها غير كافية لخلق تنمية سياحية واقتصادية وازنة للمنطقة ، فمهرجان تورتيت الدولي، الذي سيغيب عن خارطة المهرجانات الوطنية في ذكراه العاشرة ، لعب دورا رياديا في استحضار تاريخ المنطقة الزاخر والموغل في القدم ، وشجع الجمعيات والتعاونيات المهتمة بالاقتصاد الاجتماعي والمنخرطة في برامج المبادرة والوطنية للتنمية البشرية على ترويج منتوجاتها ، وأعطى الفرصة للطاقات المحلية في مختلف المجالات الفنية والرياضية والثقافية للاحتكاك بالأسماء الرائدة التي توجه لها الدعوة للمشاركة في هذه التظاهرة الدولية، كما ساهم في تنشيط مدينة إفران ثقافيا ورفع عدد المقبلين على زيارتها.
مهرجان تورتيت كان كذلك مناسبة لزيارة ألمع نجوم الفن والرياضة والثقافة لهذه المدينة الجميلة أمثال عبد الهادي بلخياط / لطيفة رأفت / مراد بوريقي نجم دوفويس / الفنان الجزائري إدير / البطل يونس العيناوي / الفرقة الأمريكية أزا / وفرق من الجزائر مصر اليونان إفريقيا الوسط بوركينا فاسو إسبانيا جورجيا وغيرها وهو ما أعطى لمهرجان تورتيت إشعاعا دولية لم يستطع تحقيقه أي مهرجان من مهرجانات جهة مكناس تافيلالت سابقا. أكثر من 40 صحافيا يمثلون مختلف المنابر الإعلامية، من صحافة مكتوبة وإلكترونية ، وقنوات تلفزيونية وطنية ودولية ، كانوا يواكبون مهرجان تورتيت خلال كل دورة ، ربورتاجات إخبارية، وتحقيقات صحفية ، وبرامج مباشرة واخرى مسجلة ، تنقل بالصورة والصوت ، مختلف الأنشطة المنظمة ضمن فعاليات مهرجان تورتيت ، من ندوات فكرية ، وسباقات رياضية ، ومعارض الفنون التشكيلية ، والقرية الإيكولوجية ، والندوات فكرية ، والسهرات الفنية.
ولا يفوت الصحافيون الفرصة دون القيام باستطلاعات صحفية على هامش هذه التظاهرة ، للمواقع السياحية بالمنطقة كشجرة أرز كورو ، وعين فيتال ، وأحواض تربية سمك التروتة ، وظاهرة انتشار القردة بغابات إفران ، وكل ذلك يمثل قيمة مضافة للمنطقة ، التي تصبح قبلة للعديد من الزوار المغاربة والأجانب . ويبقى السؤال الذي يطرحه أبناء المنطقة الغيورين على ثقافتها وتراثها هل المسؤولون يسيرون ضد التوجهات الملكية الحريصة على دعم ثقافة وتراث المغرب وتشجيع كل أصناف التعبيرات الإبداعية به والتي نص عليها الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 14 لعيد العرش حيث جاء فيه: “واعتبارا لما تقتضيه التنمية البشرية، من تكامل بين مقوماتها المادية والمعنوية، فإننا حريصون على إعطاء الثقافة ما تستحقه من عناية واهتمام، إيمانا منا بأنها قوام التلاحم بين أبناء الأمة، ومرآة هويتها وأصالتها. ولما كان المغرب غنيا بهويته، المتعددة الروافد اللغوية والإثنية، ويملك رصيداً ثقافيا وفنيا، جديراً بالإعجاب، فإنه يتعين على القطاع الثقافي أن يجسد هذا التنوع، ويشجع كل أصناف التعبير الإبداعي، سواء منها ما يلائم تراثنا العريق، أو الذوق العصري،بمختلف أنماطه وفنونه، في تكامل بين التقاليد الأصيلة، والإبداعات العصرية.”