الطريقة القادرية الرازقية، هي طريقة روحية معنوية تسعى إلى المحبة الإلهية، وتتبنى منهجا يرتكز على الفكر والذكر والشكر، غايتها هي التزكية والتربية الروحية للمريدين، الذين اختاروا هذا النهج، كما تهدف الطريقة لجعل المريد عاشقا محبا تتجلى فيه الأسرار الربانية وتتكشف فيه المعالم النورانية بالإيمان بالعقائد في الصفات الإلهية.
في هذا الحوار مع فضيلة الشيخ مولاي كمال رزقي الشرقاوي القادري نسلط الضوء أكثر على الطريقة وتاريخها ومنهجها لنقربها أكثر من القراء والمتابعين الكرام.
س: فضيلة الشيخ حبذا لو تحدثنا قليلا عن التصوف والطرق الصوفية في البداية.
ج: كما هو معلوم أن الطرق الصوفية ليس لها خصوصية جنسية كما يقال، فهي نور إلهي يقذفه الله تعالى في قلوب أوليائه بغض النظر عن البلد، المنبت، الأصل. بالتالي فالتصوف ليس له جنسية، لكن الحمد لله المملكة المغربية الشريفة لها خصوصية أنها تُنبت الأولياء والصالحين كما تنبت الأرض الكلئ، وكما يُقال إذا كان المشرق بلد الأنبياء والرسل فالمغرب بلد الأولياء والصالحين.
س: بخصوص الطريقة القادرية الرازقية حدثنا عن تاريخها؟
ج: الطريقة القادرية الرازقية أتت امتدادا للسند الطاهر وتجديدا للأصل الباهر للطريقة القادرية لسيدنا عبد القادر الجيلاني، قدس الله سره، وكما هو معروف فالتصوف لا يؤخد بالنسب بل بالنسبة، والحمد لله اجتمع في هذه الطريقة النسب والنسبة أي أن جدنا هو عبد القادر الجيلاني بالإضافة للنسبة الطاهرة له رضي الله عنه.
تربيتنا الصوفية أخذناها عن الشيخ عبيد الله القادري قدس الله سره وغيره من المشايخ، أخذنا عنهم العلم الرباني وهذا المنهج الصوفي الطيب الزكي.
س: فضيلة الشيخ قمتم بزيارة لضريح جلالة المغفور له الحسن الثاني، ماذا تمثل لكم هذه الشخصية في الزاوية؟
ج: زيارتنا لقبر السلطانين محمد الخامس والحسن الثاني، بالمناسبة في طريق التصوف نعتبرهم سلطانين وليس مجرد ملكين، سواء من الناحية الروحية أو الناحية المادية الملموسة. وزيارتنا لضريح السلطانين جاءت من تشبثنا بأهذاب العرش العلوي المجيد لعلمنا ما يحمله من أسرار ليست فقط الظاهرية، وإنما باطنية كذلك، لأن الله تبارك وتعالى تجلى على هذه الدوحة الشريفة بأسرار وتجليات كبيرة في الملك، والله أكرم هذا البلد المعطاء بهذه الملكية التي هي من جوهر النبوة.
فلو بحثنا في جل الدول الإسلامية لن تجد دولة تجمع فيها ما تجمع في هذه الدولة، وأنا أتحدث عن علم وعن معرفة، فالدولة العلوية نجد فيها إمارة المؤمنين التي هي امتداد لبيعة الصحابة والأمة الإسلامية لسيدنا رسول الله وآل بيته عليهم السلام ورضي عنهم، علاوة على إمارة المؤمنين نجد أن الدوحة العلوية هي من آل بيت رسول الله، وهذا ما يميز هذه الدولة والدوحة العلوية الشريفة. ونحن في الطريقة نعتبر البيعة للسلطان واجبة ومن الضروريات وزيارة السلطان هي واجب أساسي نقوم به وتعبير منا عن تشبثنا بأهذاب العرش العلوي المجيد ومحبتنا وولائنا الدائم للعرش، كما هو معهود عن أجدادنا من السادة الشرقاويين والسادة البودشيشيين.
س: ما هي أوجه الاختلاف بين الطريقة الرازقية والطرق الآخرى، بمعنى مالذي يميز الطريقة؟
ج: يقول الرسول (ص) : “- لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ ، ولا لأبيضَ على أسودَ ، ولا لأسودَ على أبيضَ – : إلَّا بالتَّقوَى”، فنحن لا نعتبر نفسنا أفضل طريقة، بل الأفضلية في هذا الباب في معناها الظاهر شبه منعدمة، إلا أن منافستنا هي بتقوى الله ومحبة رسوله (ص) قولا وفعلا.
س: بخصوص الأنشطة التي تنظمها الطريقة؟
ج: بخصوص الأنشطة هي كثيرة، أشهرها ذكرى المولد النبوي الشريف، ليلة القدر، عيد مولد سيدنا عيد القادر الجيلالي، مولد سيدي بوعبيد الشرقي، وزيارة ضريح السلطانين محمد الخامس والحسن الثاني طيب الله ثراهما. هذه هي أكبر أنشطة الطريقة بالإضافة لبعض الأنشطة الثانوية كليالي الذكر والمديح في كافة فروع الزاوية داخل الوطن وخارجه.
س: ما هي شروط الانتساب للطريقة؟
ج: الانتساب للطريقة كما هو معلوم في الصوفية والتصوف هي المصافحة، أي مصافحة الشيخ وهي بمثابة بيعة روحية وهي امتداد لبيعة الصحابة رضوان الله عليهم لسيدنا رسول الله قصد التربية الروحية فقط لا غير. وبعدها يبدأ المنتسب (المريد) بذكر الأوراد الخاصة بالطريقة. فالوصول إلى الله لا يكون فقط بالصلوات، فهي مفروضة، بل بالنوافل، كما يقول (ص) عن رب العزة: “وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ” وبعدها يفتح الله على المريد بالكرامات ويرى أموره تتيسر. كما أننا نوصي المريد أن بتشبث بخدمة وطنه ويكون صالحا لوطنه، فهدف الطريقة هو إخراج أولياء من صالحين إلى مصلحين، فالزوايا نراها تنكمش على نفسها، هناك صالحين ولكن هدفنا أن يصبحوا مصلحين، بأخلاقهم، بحركاتهم بسكناتهم، من صالحين لأنفسهم إلى مصلحين لغيرهم.