عندما يمرض الطفل تحاول الأم جاهدةً أن تعطيه الدواء، إلاَّ أنه غالباً ما يرفضه، إذ إن غالبية الأدوية طعمها مرّ. فكيف يمكن الأم أن تتصرف كي يتقبَّل طفلها الدواء لتتحسّن صحته؟ ماذا عليها أن تفعل؟ وهل يمكنها الاستعاضة عن الدواء بأمور أخرى؟ فإنْ كنت أماً تواجه صعوبات في إعطاء طفلها الدواء خصوصاً في المرحلة العمرية الواقعة بين السنتين والثماني سنوات، تنصحك الممرضة المجازة ريم صنديد في حديث لـ”النهار” بالخطوات التالية:
- تقديم خيارات كلما استطعت
لا يظن الأهل أنهم يستطيعون تقديم خيارات في ما يتعلق بالدواء، إلا أنهم لو عرضوا هذه الخيارات لاستطاعوا التحكم بمزاج أولادهم. لكن لا يجب أن يقعوا في فخ الخيارات، أي عليهم الانتباه إلى أولوية تقديم خيارين، وليس خمسة أو ستة، لأن ذلك يفقدهم القدرة على التفاوض مع صغارهم. لذا، إليك أبسط الخيارات كأن تسأل طفلك “هل تريد الدواء قبل أن ترتدي ملابسك أو بعد؟”، أو “هل تريد التفاح، البرتقال أو عصير العنب مع الدواء؟”، إذ يمكن خلط بعض الأدوية مع العصائر لجعل طعمه أفضل أو أسهل للابتلاع، لكن من الضروري أن يتمَّ ذلك بعد سؤال الطبيب أو الصيدلي إذا ما كان من الآمن خلطه مع العصير أو الطعام في حال كان طعمه مراً، وإن كان لهذا الخليط أي مضاعفات جانبية.
- تناول الأم الدواء
يفضَّل أن تتناول الأم أول ملعقة من الدواء أو أن توهم طفلها بذلك أقلَّه في المرة الأولى التي يتناول فيها الدواء، فالطفل يثق بأمه لأنها أقرب شخص إليه، وعندما يراها تقوم بذلك سيطمئن معتبراً أن “أمي تناولت الدواء ولم تتأذَّ، إذاً يمكنني تناوله أيضاً”. ولكن من الضروري الانتباه إلى أهمية عدم إجبار الطفل على تناول الدواء عبر وضع الملعقة في فمه، لأنه سيرفضها أكثر. فما لا يعرفه الأهل هو أنَّ الطريقة التي يتصرفون بها هي التي تجعل الطفل يرفض الدواء، وليس الدواء بحد ذاته.
- إعطاء الأدوية في الوقت والمكان عينهما
يمكن الأهل إيجاد بقعة معينة في المنزل لإعطاء الدواء للطفل، ويفضَّل أن لا يكون ذلك في غرفة نومه. ومن الأجدى إعداد روتين يومي لتناول الدواء، أي إعطاء الطفل الدواء في الوقت ذاته، وفي المكان ذاته. ولكن غالباً ما يفضِّل الأهل إعطاء الدواء في شكل منتظم للطفل في غرفته وعلى سريره، لكنَّ هذا غير محبَّذ، فالأنجع إبعاد فكرة العلاج عن المساحة المخصصة للطفل أي غرفته التي يشعر بأنها ملاذه.
- اختيار الكلمات المناسبة لعمر الطفل
يحاول بعض الأطفال تفسير الكلمات حرفياً، لذا، اعلم أنَّ الكلمات التي تستخدمها لوصف العلاج لطفلك مهمة جداً. فبعض الكلمات قد يخيف الأطفال ويجعلهم يقاومون العلاج، خصوصاً الأطفال الذين يصبحون أوعى وأكبر سناً، هؤلاء يحتاجون إلى شرح وافٍ لضمان تقبلهم العلاج. كما يمكن اللجوء إلى المفاوضات عبر القول للطفل بأنَّه إذا تناول الدواء سيحصل على الحلويات، أو سيحصل على لعبة. وهذه الطريقة يمكن أن تكون مفيدة لترغيب الطفل في تناول الدواء خلال فترة المرض، شرط ألا تمتدَّ إلى نمط حياته اليومي لاحقاً.
- الثناء لا اللوم
يشعر الأطفال بالمسؤولية عندما يمرضون. لذا، على الأهل عدم تذكيرهم بذلك، بل الثناء عليهم لمتابعة خطة العلاج. فالأطفال يحبون الثناء دوماً والشعور أنهم جيدون ويحسنون التصرف. فيمكن القول مثلاً “أنت شاطر”، أو “أنا أحب الطريقة التي تأخذ فيها الدواء”. وبهذا ستجده متحمساً لتناول الدواء من دون حتى حاجتك للتفاوض معه”.
- الاستماع للطفل وتقييم المرض
إذا قال الطفل إنه ليس على ما يرام، فإن أول شيء عليك فعله هو الاهتمام بما يقوله وأخذه على محمل الجد. وعليك أن تسأل طفلك الصغير بما يشعر، وسوف تجد أن جوابه سيساعدك على تقييم مدى تمكُّن المرض منه. فإن قال لك “ضعني في السرير”، اعلم أنه ليس على ما يرام، ودعه يخبرك بحقيقة ما يشعر به، أو قل له: “أَشِر لي بيدك إلى المكان الذي يؤلمك، وقل لي كم يؤلمك”. أما إذا أراد الأهل نقل الطفل إلى المستشفى، يتمُّ استخدام ورقة تقييم مؤلفة من صور، تعطى للطفل ويُطلب منه أن يشير بيده إلى المكان الذي يؤلمه في جسمه والمرسوم في الصورة، وعندها يمكن الممرضة أو الطبيب معرفة طبيعة ومَكْمن المرض.
- إشراك الطفل في خطة العلاج
قد يكون من المفيد لمساعدة الطفل، التعرف إلى مشاعره قبل أخذ الدواء من طريق استخدام العبارات التالية: “يبدو أن هذا يزعجك اليوم أكثر مما كان عليه أمس” أو “أتشعر بحال أفضل اليوم”، وبمجرد الحديث عن ذلك، عندها يصبح تناول الدواء بالنسبة إليه أسهل قليلاً.
وإضافة إلى كل ما سبق ذكره، إليك أيتها الأم الإرشادات التالية:
– يمكن إعطاء الطفل وبالاتفاق مع الطبيب دواءً بجرعة مضاعفة وكمية قليلة، أي زيادة الـ concentration وتقليل الـ amount، ما يعني أنَّه إذا كان بحاجة إلى دواء 5 ميليغرام، نعطيه بدلاً منها نصف ملعقة دواء 10 ميليغرامات.
– يمكن الأم التلاعب بتوقيت إعطاء الدواء إذا أصرَّ الطفل على عدم أخذه في الوقت المحدد، أي يمكنه أن يتناوله قبل ساعة أو بعد ساعة لا أكثر من الموعد المشار إليه من قِبل الطبيب.
– يمكن الاختيار بمشاركة الطبيب أدوية ملوَّنة بنكهات مختلفة، تجذب الطفل ويكون طعمها لذيذاً وأقرب لطعم الفواكه، وليست مرّة الطعم. ولكن على الأم أن تضعه بعيداً من متناول الطفل، كي لا يظنّ أن بإمكانه تناوله كيفما يحلو له، لاعتقاده بأنه نوع من الحلويات.
– أخيراً، على الأم وضع الدواء برفق في فم الطفل، وتفادي إدخاله مباشرة إلى داخل الفم.