د. زياد موسى عبد المعطي أحمد
zeiadmoussa@gmail.com
التفاؤل طبيعة إنسانية، فالإنسان يولد متفائل بطبعه، ويمارس الانسان التفاؤل في حياته اليومية، والتفاؤل تدعو إليه الشريعة الاسلامية.
فمن أفضل ما قرأت منذ زمن ما كتبه الكاتب الراحل “عباس محمود العقاد” في مقاله “الانسان بطبعه متفاءل” ذكر فيه أن أي إنسان في يومه يمارس التفاؤل في حياته العادية، وأن طبيعة البشر التفاؤل.
فلو افترضنا أن الإنسان متشائم يصحو صباحاً وفكر في الخروج من المنزل فعند خروجه من المنزل ونزول السلالم فإنه من المحتمل أن يقع من على السلالم فتكسر يده أو قدمه، فإذا نجا من هذه فربما أثناء عبور الشارع تصدمه سيارة، فإذا نجا من هذه فربما أثناء استقلال السيارة في طريقه إلى العمل ربما تحدث حادثة تصادم للسيارة فتحدث له عاهة أو يموت، فإذا نجا من هذه فربما يتم نشل أمواله أثناء عبوره الطريق أمام مقر عمله، فإذا نجا من هذه ربما تحدث له سكتة قلبية وهو في عمله فيموت، فإذا استلم الانسان لهذه الهواجس ما خرج من البيت، ولكن جميع البشر متفائلين ويمارسون حياتهم اليومية بصورة عادية.
بل لو وضعنا الهواجس السلبية والتشاؤم في حياتنا، لجلس الإنسان ينتظر الموت أو أقدم على الانتحار من كثرة التشاؤم، فمثلاً عندما يأكل أي فرد ربما تكون هذه الأطعمة ملوثة بميكروبات ممرضة وخطيرة، فتؤدي إلى الوفاة، أو تؤدي إلى مرض خطير، وربما تكون ملوثة بمبيدات تسبب أمراض خطيرة وقاتلة، فلماذا يتناول الطعام؟ يجوع أفضل!!! وعند شرب المياه فربما تكون المياه ملوثة، وتسبب الأمراض والوفاة، فلنعطش أفضل!! وإذا فكر طالب في المذاكرة فربما عند الامتحان ينسى ما ذاكره، أو ربما تحدث له حادثة فلا يستطيع حضور الامتحانات، فلماذا يذاكر!! وحتى إذا نجح وتخرج فربما لا يجد فرصة عمل!!!
وهكذا إذا ستسلم إنسان للتشاؤم لوجد الحياة سوداء قاتمة، ووجد أنه لا فائدة منها وجلس وانتظر الموت وربما أقدم على الانتحار تخلصاً من هذه الهواجس.
ومن فضل الله علينا أنه خلقنا بطبعنا متفائلين، وأن التفاؤل من طباع البشر، نأكل ونشرب ونعمل ونجد ونجتهد طمعاً في غدٍ أفضل، ونطرد هذه الهواجس التشاؤمية من أذهاننا، ونعيش متفائلين يغمرنا احساس بمستقبل أفضل.
والتفاؤل ليس معناه الاكتفاء فقط بالتمني والأحلام دون السعي لتحقيق ما نصبو إليه، بل يجب الاجتهاد والعمل لنحقق ما نصبو إليه.
وما نيل المطالب بالتمني… ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
والتفاؤل أو التشاؤم ببعض الأشياء أو الأرقام أو الأيام ليس من الأشياء المنطقية، فهذا من الأشياء التي نهت عنها الشريعة الاسلامية، وهي عادة من عادات الجاهلية.
فكان العرب في الجاهلية قبل الإسلام يسمون ذلك تطير، وكلمة تطيّر مشتقة من الطير، وكان الواحد من أهل الجاهليّة إذا خرج لأمر استعمل الطير فإن رأى أن الطير طار ناحية اليمين استبشر خيراً وأقدم على العمل، وإن رأى الطير طار ناحية اليسار تشاءم به وتراجع عن العمل.
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التطير او التشاؤم، “عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال رَسُول اللَّهِ: لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل قالوا: وما الفأل قال: كلمة طيبة” (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
فيجب علينا أن نعمل ونجتهد ونتوكل على الله، وأن نتفاءل خيراً، ولنعلم أنه لن يصيبنا ألا ما كتب الله لنا “قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” (التوبة: 5).
فيجب التفاؤل والعمل والاجتهاد لتحقيق الأحلام، ويجب علينا أن نتفاءل بأن القادم أفضل، وأن الأفضل لم يأتي بعد.