أشهر ماسح أحذية بمكناس، صاحب الصوت الجهوري القوي، ترعرع في الشارع وعلى الرصيف منذ كان صغيرا، لم يسقط في شراك الإذمان، استطاع في تحد كبير قل نظيره أن يقاوم التشرد ونتائجه حتى اشتد عوده وتمكن من بناء مسكن محترم ، وتأسيس أسرة متينة مكتملة الظروف النفسية والاجتماعية والمادية، يتحمل كل مسؤولياته كرب لها، نشيط في عمله، لا يكل أو يمل، مواظب على أداء الصلاة بالمسجد، يطوف بين مقاهي حمرية مقر عمله قادما إليها كل صباح عبر دراجه نارية من الحجم الكبير، يركنها بعمود كهرباء قبالة مقهى اوبرا ، بذكاء كبير وإلحاح شديد ممزوج بفن النكتة والطرافة، يبسط الزبون قدمه استسلاما، يمسح الحذاء دون أن يتوقف عن الحديث والدعابة، شرس مع أعداء الحرفة ومنافسيه من أبناء الكار، بغض النظر عم يقال عنه من مزاولة نشاط آخر، فيبقى ماسح أحذية نموذجي وحالة خاصة وشاذة أنقذ نفسه بنفسه من براثن الشارع وأنياب التشرد.
رجل لا يسعنا إلا أن نقف له احتراما، لانه يمثل المقاومة في أسمى تجلياتها، والتحدي في أقوى اقفه، انتزع اللقمة من أنياب الشارع وقساوة القلوب ، فعل ما عجز عن فعله كثير ممن تربوا بين أحضان أم وأب،و ترعرعوا تحت سقف وداخل فراش دافئ.
محمد بنعمر _ مكناس