بعبع الدولة الإسلامية الإستعمارية “أو الدواعش”

[[ نهى بريس ]]26 يناير 2016 مشاهدة
بعبع الدولة الإسلامية الإستعمارية “أو الدواعش”

2014-3askari_136607549
سعد فوزي- باريس “نهى بريس”

كنّت جالسا أغوص في عوالم الشبكة العنكبوتية في ليلة وحدة و تأمل، رِن هاتفي، صديق لي يطلب النجدة، إنه محتجز مع الجماهير في ملعب فرنسا سان دوني، لايستطيع الخروج من المنطقة المحظورة.
هرعت لمشاهدة القنوات الإخبارية المحلية، ماذا يحصل؟ أين ؟ متى ؟ وكيف؟ انفجارات بالجملة وفي أماكن مختلفة من مدينة الأنوار.
من نفد هذه العمليات الانتحارية ؟ أي تنظيم سيتبناها ؟ الجميع يتصل من جميع بقاع العالم عسى ان يجد من مجيب عن سؤاله.
أصبح صباح الخوف و الهلع ، وتناثرت الأخبار من قريب وبعيد، وكثرت التخمينات، وطفح للعلن عن أسماء المنفذين و انتماءاتهم. إنها الدولة الإسلامية بالعراق و الشام أو مايصطلح عليهم اختصارا بالدواعش.
صدق أو لاتصدق، تبقى مسألة كفيلة بك، فالإعلام قادر على جعلها حقيقة في وقت و كذبة في وقت آخر، فتنظيمات المرتزقة و مليشيات الانتحاريين تلبس أثوابا من ألوان مختلفة و تلعب دور الوسيط الاستراتيجي لإرغام أنظمة على الخضوع للغول الاستعماري الجديد و تقلب الباطل على الحق لتذمغه. إنها ألاعيب اللولبيات الرأسمالية التي لا تؤمن بدين ولا مبدأ، حالها كحال الحرباء تتكيف مع المكان. في بداية الثورة السورية، كانت الأنظمة الغربية الاستعمارية ضد نظام بشار الأسد تزود الدواعش بالسلاح وتسهل لهم قنوات استقطاب الشباب، وعندما استيقنوا من ضعف النظام السوري، بدؤوا بحجز التأيد من أجل إيجاد حل وسط نقيض فرض السيطرة على ثروات سوريا، الشيء نفسه حصل في العراق و أفغانستان و قِس على ذلك.
يا ترى ما حصل في فرنسا فعل فاعل؟ أم هي نتيجة لسياسة استعمارية نهجت في عهد ساركوزي كما نهجها أسلافه في حكم دولة دوكول؟ أسئلة يطرحها كل مقيم أو فرنسي من أصول مغاربية؟ لنضع فرنسا في المجهر و لنأخذها كعينة تجريدية.
غداة أحداث باريس، جميع المقيمين المغاربيين، كانوا ينتظرون ظهور أسماء من أصول ‏مغاربية ‏في قائمة المنفذين، استبشروا الخبر مما فات من أحداث مضت. فمنهم من حاول التظاهر بروح النفاق لإثبات أنه مواطن فرنسي صالح ضد ما حصل، وهم أصحاب النفوس الضعيفة الذين لا رأي لديهم، الملقبون في بلاد حرية التعبير بأبناء قبيلة نعم سيدي، يميلون بأية ريح تهب. وهناك صنف يستفيد و جزء من آليات اللعبة الجيوسياسية ، أجسام طفيلية تعيش على العفن السياسي مثل إمام المسجد الكبير بباريس أو بعض السياسيين المأجورين.
أما الصنف الثالت، فلا حول ولا قوة له، اختلفت عليه المفاهيم، يعيش في ضنك لايفهم ما يروج من حوله، وهم الأغلبية العظمى.
فرنسا يا سادة، استغلت مستعمراتها لعقود، ثم انتقلت لاستغلال اليد العاملة من هذه المستعمرات واليوم تريد التخلص منها بحجة الاكتضاض و الكساد الاقتصادي. من أول حملات الهجرة نهجت فرنسا سياسة الإقصاء و العنصرية، فلم تتح الفرصة لهذه الفئة أخد المبادرة في صنع القرار، حيث حتمت على المهاجرين العيش في أحيائها الهامشية في ضواحي المدن الصناعية، يعاملون علي مبدأ عابر سبيل، يدور ناعورة الصناعة الفرنسية وان ابن هذا العامل سيُصبِح عامل المستقبل. لكن المفارقة ، أن السحر انقلب علي الساحر، فابن المهاجر الذي نشأ و ترعرع في هذا البلد ، بدأ يطالب بحقوقه ولا يقبل بالذل و المهانة الممارسة عَلى أبيه، فانتفض بأشكال متعددة و بمراحل مختلفة.، فاتجهوا للانحراف على جميع مظاهره، و خير دليل على هذا مسارات حياة منفذين هجمات باريس، شباب يافع انحرف في مرحلة المراهقة، اتخذوا التجارة عير الشرعية مواردهم المعيشية، كالإتجار في المخدرات وًالسلاح و الجنس، وًبعد مرورهم بالسجون أتت مرحلة مراجعة المواقف، و حاولوا الخروج من العتمة، لكن ليس هناك من منقذ في زمن الماديات والفردية، فتبدأ مرحلة الشك و الانطوائية، يتبادر لأذهانهم إن الجميع ضدهم فيتبنون مذهب العزلة و الانتقام، و يصبحون فريسة سهلة في أيادي شبكات المهربون الإسلاميون (على حسب قولهم) وتجار الحروب، الذين يقدمون لهم مبالغ مهمة لقاء مهام حربية انتحارية قد تتراوح إلي ١٠٠٠اورو يوميا.
حديثي كان علي نموذج الفرنسي لاستخلاص العبر، لأننا مع الأسف عند الحديث على بلدنا المغرب دائما نسقط في المقارنة العمياء ولا نرى في هذه البلدان إلا الجوانب الإيجابية .
فحذار ثم حذار مما يقع في العالم، فبعبع الدولة الإسلامية الاستعمارية يغزونا، و مظاهره تتربص بمجتمعنا في جميع الأحياء الشعبية و الأزقة العتيقة، لاسيما أن العدالة الاجتماعية مفقودة و الفارق الطبقي يزداد اتساعا وشبابنا حالم فاقد للأمل.

error: Content is protected !!
مستجدات