شيماء الامغاري “نهى بريس”
مواقع الشات (التعارف، الصداقة، البحث عن عريس) هي مواقع توفر للمستعمل إمكانية ولوج الموقع بأسماء مستعارة دون شروط معينة و دون التوفر على السن القانوني يكفي امتلاك جهاز ذكي موصول بالانترنيت مع تقديم عدة خيارات حول البلد الذي قد تود التواصل مع أفراده على شكل غرف للدردشة.
قد يبدوا للوهلة الأولى أن الآمر يتعلق بمجرد فضاء لا يحتاج إلى فيزا لأجل الإبحار فيه يجمع أشخاصا من دول و أقطاب مختلفة لأجل تبادل الأفكار الرؤى و الثقافات و إنشاء صداقات مختلفة أو منبرا لترسيخ مفهوم التنوع الحضاري لكن ما خفي كان أعظم فاغلب هذه المواقع هي عبارة عن ستارة لما يعرف بالسكس شات . “السكس شات” هو ممارسة الجنس عن بعد أي عن طريق الهاتف أو الشات كما هو شائع حاليا و يعد هذا التحريف في مفهوم العلاقة الجنسية الطبيعية بين رجل و امرأة و الذي من المفروض انه مقنن في إطار شرعي في صيغة عقد قانوني يجمع الطرفين وليد العالم الافتراضي الذي استحوذ على العالم الحقيقي و هيمن عليه بشكل مرعب فبعثر فسيفساء ثقافة و قيم الشعوب و حطم منظومته الثقافية.
لقد أصبحت التكنولوجيا تتحكم في كل مناحي الحياة لتمس حتى الأمور الحميمية كالجنس أي العلاقة بين الرجل و المرأة و تضعها في قالب الكتروني حيواني و تفرغها من فحواها و غاياتها الدينية ألا وهي المساكنة لأجل التزاوج و تكثير سواد الأمة وحولته لمادة استهلاكية لا غير. لقد غرق شبابنا في الوحل و أصبح من الصعب انتشاله أمام تفاقم هذه المعضلة و انتشار هاته الممارسات الشائكة التي لا زالت قابعة في خانة المسكوت عنه او الطابو في ظل غياب دراسات جادة تتطرق للموضوع بمختلف أبعاده و تقترح حلولا ملموسة و غياب الوعي بخطورة هذه الممارسات الشاذة أمام تطور شبكات التواصل كمسنجر و الفايسبوك و غيرها و غياب جهات مختصة تلعب دور الرقابة على مثل هاته المواقع .
و عن السبل التي يتبعها الوافدون على هذه المواقع قامت جريدة “نهى بريس” بالتواصل مع أشخاص خاضوا تجارب جنسية فيما يعرف بالسكس شات مؤكدين التحفظ هوياتهم الحقيقية . اخبرنا “س ج” و هو شاب في عقده الثاني انه سمع عن مواقع التعارف من خلال صديق له و الذي أثار حفيظته بما رواه له عن مغامراته الجنسية عن بعد فقرر آن يخوض غمار التجربة بنفسه و عن الكيفية اخبرنا أن الأمر يبدأ بتبادل كلمات ذو دلالات جنسية و عندما يتأكد من استجابة الطرف الأخر يتحولان إلى السكايب و هو ما يتيح لهما إمكانية استعمال الكاميرا الرقمية ليتجاوز الأمر مجرد تبادل عبارات ايحائية الى القيام بسلوكات شاذة كنزع الملابس و القيام بحركات مثيرة يتم من خلالها مداعبة الحواس الجنسية لكلا الطرفين و غالبا ما تختتم مثل هاته العلاقة بممارسة الطرفين للعادة السرية .
تفاصيل أخرى أكثر إثارة و مدعاة للقلق على السلامة الصحية و النفسية للمتعاطين لمثل هاته الممارسات نتعرف عليها مع< م ع> التي اتخذت من مواقع السكس شات مصدرا للرزق و احترفت ما يعرف في مثل هاته الأوساط بالدعارة الالكترونية مطرقة الرأس <م س> فتاة في الثلاثين من عمرها أدمنت السكس الشات مذ كانت مراهقة و تحول الأمر لديها من مجرد التجربة وحب الاستطلاع و اللهو إلى إدمان و أصبحت تبحث عن أشخاص من دول الخليج تسمح لهم بإفراغ مكبوتاتهم الجنسية من خلال كشف جسدها و الامتثال لطلباتهم مقابل مبالغ مالية مهمة تتوصل بها و قد أخبرتنا أن العديد من الفتيات يؤثرن ممارسة الدعارة الالكترونية كونها كما يقلن أكثر سلامة و تمكنهن من الحفاظ على عذريتهن والهرب من الفضيحة التي قد تطالهن في المجتمع الذي لا يغفر العلاقات خارج إطار الزواج .
“خ د” شاب في عقده الثالث شأنه شان الآخرين لجأ لممارسة الجنس عن بعد لإشباع رغباته الجنسية و قد برر ذلك بعدم مقدرته على الزواج لارتفاع تكاليف إقامة حفل الزفاف و مهر الزوجة و غيرها من المصاريف التي وصفها بالمجحفة مما حدا به لهذه المواقع التي لا تكلفه شيئا و لا يترتب عنها أية التزامات كما انه أحب فكرة إقامة علاقات مع عدة فتيات و اخبرنا بحقائق أخرى يندى لها الجبين سنتحفظ عليها مراعاة لمشاعر القارئ . “خ ع”متزوج و أب لطفلين اخبرنا انه كان يدمن ممارسة الجنس عن بعد قبل الزواج و لم يتمكن من التخلص من هذه العادة و استمر في ممارستها خلسة عن زوجته التي ما فتئت أن تنبهت فلم تفلح تهديداتها معه و أردف قائلا بأنه لا يحقق الانتشاء إلا من خلال مواقع السكس الشات . شهادات مختلفة لشباب انجرف وراء مطبات و متاهات العالم الافتراضي تدق ناقوس الخطر فلم يعد بمقدورهم التمييز بين الخطأ و الصواب و افتعلوا عوالم يفجرون فيها مكبوتاتهم بطرق منحرفة و شاذة إذ أن غالبية الفتيات أكدن أنهن وجدن فضاءا يهربن فيه من سطوة العائلة و يفرغن ما يتعرضن له من ضغط إذ يصبح الممنوع ممكنا دون عقاب و أكدن أنهن وجدن حرية مطلقة في الاستجابة لمتطلبات الجسد دون أن يضطررن لمواجهة نظرة المجتمع الدونية لامان الوسيلة ا كد بعضهن أنهن يتمكن من الكشف على أجسادهن مع وضع لثام على الوجه مما يضمن لهن السرية بعيدا عن الفضيحة التي قد تطالهن إذ ما أقمن علاقات مباشرة مع شاب. الجنس عن بعد يعد احد الممارسات الجنسية المنحرفة إذ لا يجد أصحابها المتعة و الإثارة إلا من خلال الوسائط الالكترونية كالانترنيت أو الهاتف و الخارجة عن المألوف مما قد يتسبب في تبلد المشاعر و تجريد العلاقة الجنسية من حميميتها و احترامها ويجعلها مجرد حركة آلية خالية من المشاعر غايتها حيوانية محضة و قد يخلق مشاكل بين الزوجين إذا كان احد أطرافه مدمنا على مثل هذه المواقع مما يتسبب في فتور العلاقة بينهما و برودها مما قد يؤدي إلى الطلاق . زد على ذلك خلوها من المعاني السامية و الروحانية التي من اجلها شرع الله العلاقة الجنسية بين الرجل و المرأة و نظمها في إطار شرعي ألا وهو الزواج. ناهيك عن الإدمان الذي يصيب المتعاطين لهذا النوع من الممارسة الجنسية و الذي يشبه الإدمان على المخدرات و تكون له عواقب وخيمة على الصحة النفسية للمدمن بحيث يحس بالتعب و الإرهاق و الشعور بالذنب وإنفاق ساعات كثيرة أمام جهاز الكمبيوتر ناهيك عن الإدمان على العادة السرية لأجل تحقيق النشوة فيصير المتعاطي لهذا النوع من الشذوذ أسير إدمانه لا يستطيع التخلص منه إلا من خلال إتباع علاج نفسي لأجل تقويم شخصيته عن طريق جلسات من العلاج السلوكي و لا ننسى الجانب الروحي إذ لا بد من الرجوع إلى ديننا الحنيف الذي اوجد لكل داء دواء و تبقى لإرادة المدمن الكلمة الفصل في التخلص من شذوذه .