برامج البحث عن المواهب، أرض الأحلام المنشودة

[[ نهى بريس ]]15 أكتوبر 2015 مشاهدة
برامج البحث عن المواهب، أرض الأحلام المنشودة

arabe

من بين مختلف البرامج التي تعرضها القنوات و على اختلاف مواضيعها، و القضايا التي تعالجها ، تبقى برامج الواقع الأكثر متابعة من طرف المتفرج .
برامج الكشف أو التنقيب عن المواهب( كأرب إيدل ذوفويس ووأرب كوت تالنت) اكتسحت العالم الغربي وعرفت انتشارا واسعا وحققت نجاحات مبهرة ، و تدخل هذه البرامج في خانة تلفزيون الواقع ، وهي ذات طابع ترفيهي و رغبة في تكرار هذا النجاح في العالم العربي، تم تعريبها وشراء حقوق البرنامج من لدن القنوات العربية بحلة تتناسب و خصائص الشرائح الاجتماعية، التي تستهدفها برامج الواقع التي احتلت الصدارة لاعتمادها على إبراز المواهب أو بالأحرى المتاجرة بها و كذا اعتماد الإثارة و الفرجة ،لأجل خلق قاعدة جماهيرية واسعة ،فأصبحت تستقطب الشباب و الشابات من خلال جولات يقومون بها في مختلف دول العالم، حيث يتوافدون اليهم بالمئات لأجل الخضوع لاختبارات تجارب الأداء أو ما يعرف بالكاستينغ، و كلهم طموح في أن تمكنهم الموهبة من تسلق سلم النجاح و تحقيق الشهرة وجني الثروات الطائلة فأصبحت هاته البرامج بالنسبة إليهم ارض الأحلام المنشودة .
أصبح شبابنا العربي يعتبر هاته البرامج ،بمثابة ارض الأحلام أو مغارة علي بابا، التي ستفتح عليهم أبواب الرزق ، أما الأربعون حرامي مع إضافة الاصفار، فهم من يختبئون وراء الستار، أي القائمين على البرنامج الذين يقومون باقتناص المواهب و استغلالها تجاريا ،و لاصطياد المشاهد تجدهم يستعينون بنجوم ومشاهير عالم الغناء مستفيدين من قاعدتهم الجماهيرية الواسعة، فيعينونهم كلجنة حكم ، ويمتد الأمر للتعاقد مع نجوم آخرين لإحياء السهرات ،و القيام بحملات و ندوات صحفية واسعة قيل انطلاق الموسم ،و الاعتماد على بلاطوا يتوفر على احدث التجهيزات ،و الاستعانة بطاقم عمل محترف، كما آن مقدمي البرنامج يتميزون بالوسامة و الاحترافية، كل هذه الخصائص تعد عوامل جذب، يروم معدوا البرنامج من ورائها ،الوصول لأكبر نسبة سبونسر و الرفع من نسب المشاهدة ،و كذا الإعلانات التي تعرض خلال الفواصل الاشهارية.
و على الرغم من كون البرنامج ذو طابع ترفيهي، فقد أصبح لعبة سياسية بامتياز، حيث نلاحظ حضور شخصيات سياسية بارزة خلال السهرات،و ربط المشاركين بقضايا سياسية لوضع بلادهم ،(كالقضية الفلسطينية و المشارك احمد عساف مثلا )، لأجل استمالة عواطف الجمهور و الرفع من نسب التصويت ،فالجائزة التي يخصصها البرنامج للفائز، تذهب في الأخير للبلد الذي يدفع أكثر .
و على الرغم من كون برامج الكشف عن المواهب، يستقطب مشاركين من بلدان عربية مختلفة، و هو الأمر الذي من المفترض أن يكون فرصة لالتقاء الحضارات ، و يثمر فلكلورا يعكس الخصائص الثقافية لكل بلد ،غير انه و للأسف يتم إهمال الجانب التراثي لكل بلد و نلاحظ طمس للهوية العربية فيما يخص اللباس التقليدي ، فنلاحظ أن اغلب المشاركين يرتدون ملابس غربية من قمصان و فساتين لإحياء السهرات، فيصبح البرنامج مجرد نسخة محلية هجينة للبرامج الغربية لا أكثر.
وراء الأضواء الساطعة لبلاطو السهرة هناك جانب مظلم ألا و هو تزامن انطلاق البرنامج مع الموسم الدراسي، فنجد العديد من المرشحين قد تخلوا عن سنتهم الدراسية، لأجل المشاركة في البرايمات فيقصون في الحلقات الأولى، ليعودوا إلى بلدهم بخفي حنين ،بعد أن تحطم حلمهم في تحقيق الشهرة ، فشركات الإنتاج تتهافت فقط على المرشحين الذين حضوا بأكبر نسب تصويت،كما أن العديد من المرشحين يصابون بحالات اكتئاب بعد تعرضهم لانتقادات تكون أحيانا لاذعة، لا تخلوا من صيغة الاستهزاء بشخص المشارك، من طرف لجنة التحكيم التي تفتقر إلى التكوين الكافي لأجل إصدار أحكام بطريقة بيداغوجية لا تؤثر سلبا على نفسية المرشح .
لقد أصبحت هذه البرامج تحضى بمتابعة الملايين، و تشهد ارتفاعا صاروخيا لنسب التصويت عبر الرسائل القصيرة، إذ يتهافت الجمهور إلى دعم المرشح المفضل لديه، لأجل آن يحقق النجاح ، و عندما يتم تتويج الفائز تستقبله جحافيل من الجماهير في المطار محملة بالزهور و الهدايا و الزغاريد .
غير أن السؤال الذي يفرض نفسه هو لما لا تحضي مسابقات تجويد القران ،و المسابقات التي تهتم بالاختراع و العلم و الأدب، بنفس الأهمية و لا يتم بذل الجهد و لا تخصيص الأموال، لأجل تقديم برنامج ثقافي، يرقى إلى المعايير العالمية و يهدف لإثارة اهتمام المشاهد نحو المعرفة و الابتكار و مساعدة المخترعين لأجل تطوير ابتكاراتهم، لما لا نصب في هذا الاتجاه في محاولة لتأسيس شباب واع بضرورة بناء العقل و تكريس جوائز لدعم البحث العلمي خاصة و أن وسائل الإعلام من قنوات انترنيت و صحف أصبحت تدخل كل البيوت، نحن بحاجة لإعلام يوقظ العقول عوض تبليدها و مما يحز في النفس انه أحيانا تقع ماسي في احد البلدان العربية و نجد أن هذه البرامج لا يتم توقيف بثها فأي نفع تجلبه للأمة و أي جميل تصنعه للعالم العربي .

شيماء الامغاري _ نهى بريس
error: Content is protected !!
مستجدات