ياسين بلفقير //نهى بريس//
أصبحت في السنوات الأخيرة تتردد على مسامعنا عبر أثير الإذاعة و كذا عبر متابعة مواقع التواصل الاجتماعي وبعض القنوات العمومية انباء تتفشى كسرعة البرق حول اعتداءات أو فضائح جنسية بالجملة سواء كان الجناة منحرفين من ذوي الأصول أو غيرهم.فليس بالقريب البعيد لم نكن نسمع عن مثل هذه الأحداث التي تصنف ضمن خانة الطابوهات أو المسكوت عنه، وكان من العيب التحدث عن مثل هذه الفضائح الجنسية و إشهارها مخافة تفشي الظاهرة واكتسابها طابع الشرعية ،كما ان اغلب الاسر تفضل الصمت حفاظا على سمعتها و نظرة المجتمع التي قد تدين الضحية عوض إدانة الجاني، فيزيد الطغاة في طغيهم و يعثون في الأرض فسادا ،و قد أصبح الوضع أكثر تعقيدا ، مع استفحال الإعلام التجاري الذي أفسد علينا حياتنا ومجتمعاتنا ونساءنا وبناتنا وشبابنا على حد سواء , و تسرب كفيروس هدم منظومتنا الأخلاقية و قيمنا الدينية و آحادنا عن الطريق القويم، إن ما يعرض علينا في شاشات التلفاز المدمر من قيم مستوردة من العالم الخارجي تتبنى خطابا استهلاكيا فردانيا و ما يشاهده شبابنا من عري وتبرج وانتهاك لحرمات الله في مسلسلات مذبلجة وأفلام لا تراعي خصائص مجتمعنا المحافظ ,والكل يشاهد ذلك الفساد الرجل والمرأة والشاب والفتاة والأخ والأخت فتضعف الرقابة الأبوية وهنا تقع الكارثة فيذهب الحياء وتكثر قلة الأدب و تتفشى حوادث التحرش و الاغتصاب فيصير الأمر عاديا و معتادا لتنتقل معه تلك الممارسات التي ترسخت بذهن كل فرد من أفراد الأسرة إلى الشارع ليصبح كل واحد منهم يبحث عن ملذاته، فحتى مفهوم ابن الحومة الذي كان يدافع عن ابنة حيه و يعتبرها كأخت له، اندثر فأصبحنا نسمع عن حوادث اغتصاب أو تحرش أبناء الحي ببنات حيهم دون مراعاة لقيم الجور، .فلقد قال الله تعالى {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما } النساء.27 وأمام تجرد الإنسان من رادع ديني أو أخلاقي يقوم سلوكه و يرشده إلى الطريق الصواب، تجده يغرق في الملذات و المحرمات، فيتحول فيها إلى متحرش تاركا العنان لشواته و غرائزه التي قد يشبعها أحيانا بطرق شاذة كما أن هناك وسائل إعلامية كثيرة تدعوا إلى محاربة التحرش الجنسي لكن في حيز ضيق، ولكنها تدعوا إلى الدين وعدم الاختلاط بكل قوة,هذا التناقض هو أحد الأسباب الرئيسية التي تساهم في ظهور التحرش وتفشيه في المجتمعات. أضف إلى ذلك دور الأسرة في التربية فغالبا وعن غير قصد نجد بعض الأسر خاصة الأمهات يعلمن أطفالهن قيما مغلوطة سواء في طريقة اللباس و إغفال التربية الدينية القائمة على تعاليمنا الدينية و التي يجب أن ينهلها الطفل منذ الصغر، لان هذا الأخير يخزن في عقله الباطن ما يتلقاه من وسطه الخارجي، ومن الصعب التخلص من هذه التراكمات التربوية التي تتحول لسلوكات و أفعال تصاحب الإنسان منذ التنشئة الأولى على امتداد فترات حياته أي الطفولة المراهقة الشباب و الشيخوخة، زد على ذلك كما أثبتت مجموعة من الدراسات ارتباط العديد من الاعتداءات الجنسية ببعض الأمراض النفسية ،كالهوس الجنسي وأمراض الفصام, بالإضافة إلى بعض الأدوية النفسية التي قد يؤدي التعامل معها بطرق خاطئة إلى بعض الأعراض المحتملة كزيادة التهور أو طغيان العقل الباطن أو ما شابه,و تتعدد أسباب تفشي ظاهرة التحرش و استفحالها بالمجتمع لكن الأكيد أن المسؤولية هي تشاركية يتحملها المجتمع بمختلف مكوناته. ولنعرج قليلا لنرى كيف نظر الإسلام لهذه الآفة التي تفتك بمجتمعنا. فللأسف إن مشكل التبعية للمجتمعات الغربية في طريقة تعاملها مع هذه القضية والداعية إلى الحرية.ففي مسعى للحرام أبغضوا الحلال, ليستبيحوا العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج, باعتبارها حرية شخصية،فالعفة وستر العورات يعتبرونها قيما رجعية لا تواكب العصر,فذهب العديد ممن يبحثون عن تفريغ شهواتهم إلى الظن أنهم أحرار في أجسادهم وعقولهم.فانتشرت الفواحش وكثرت التحرشات الجنسية بل وصلت إلى حد الاغتصاب والقتل في أوساط الأسر و ذوي الأصول دون تحديد للجنس أو السن وهذا ما نبهنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أربعة عشر قرنا كما جاء في حديثه { لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب فتبعتموهم وقلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال. فمن؟ } رواه البخاري. فبالرغم من تفشي هذه الظاهرة نشاهد بعض التيارات تطالب بتحرر المرأة ومساواتها بالرجل، وعدم الفصل بين الجنسين في كافة مناحي الحياة و الدعوة إلى الاختلاط بين الجنسين في المدارس و الجامعات .وهم بذلك يضربون عرض الحائط ما جاء به الإسلام فعوض البحث عن حلول ناجعة وذلك بإشاعة نور العفة بين الناس و ترسيخ التربية الدينية، لا تزال هذه الجمعيات تبحث عن ضحايا لتقوم بكفالتهم وتحقيق الظهور الإعلامي على حسابهم وجمع التبرعات والمساعدات باسمهم، حتى أصبحنا نسمع بالأمهات العازبات والأطفال المتخلى عنهم وغيرها من المفاهيم الرنانة المغلوطة.فبالأمس القريب تم اعتقال فتاتين أرجنتينيتين ناشطتين من “فيمن” تعرتا أمام محكمة بني ملال تضامنا مع شاذي بني ملال. – والكل لا يزال يتذكر الفتاتين اللتان تعرتا في ساحة مسجد حسان بالرباط – فعوض إنزال عقوبات جنائية عليهما لأنهما خالفتا قوانين الدولة، تقرر ترحيلهما وطردهما من البلاد.ولا يخفى على الجميع قضية “قاضي الدروة” الذي اعتقل قبل أيام في قضية الزنا وقس على ذلك العديد من القضايا المشابهة التي نسمع بها كل يوم. في الأخير لابد من التذكير إلى أن التحرش دافع إلى الرغبة في الجنس وهذه الرغبة غريزة في الإنسان والحيوان كغريزة الجوع والعطش فإذا لم يتم تهذيبها عن طريق التربية السليمة التي تستمد أصولها من ديننا الحنيف، والالتجاء إلى الصوم و تكثير الطاعات ،سيصبح شبابنا عرضة للموبقات و المحرمات كاستباحة العلاقات الجنسية خارج الإطار المشروع، تفشي الفساد و الأمراض المنقولة جنسيا،و ظهور سلوكات جنسية منحرفة كالشذوذ الجنسي. فنزوحنا عن الرسالة المحمدية، و انصهار خصائص المجتمع الثقافية أمام الغزو الإعلامي للمجتمعات الغربية أدى إلى انهيار منظومتنا الأخلاقية،و غياب قيم احترام الأخر،التآزر بين الأسر التسامح،العفة ليغث المجتمع في الفساد و تفشي التحرش سواء الجنسي أو الجسدي.