أقلام صغيرة

يوميات تائهـة فـي بحـر الحيـــــاة.. تجربـة تحـت عنـوان: جريمــــة فـي حـقِّ أم

تجربة رقم 2 بعنوان: جريمة في حق أم
بقلم “فاطمة الزهراء العماري”

اليوم هي حزينة جدا و أعلنت حدادا طويلا يصعب الخروج منه، حداد فوق حدادات… اليوم ارتكبت في حقها جريمة لن تغفرها الإنسانية أبدا، اليوم قتلت ابنها الذي لطالما انتظرته، لطالما حلمت بأنه الوحيد الذي سينير عالمها المظلم والموحش، لمنها قتلته اليوم باسم الدين، القانون والمجتمع، خافت عليه من ظلم الاخرين، من كرههم الذي لا ينتهي، خافت على ابنها من نظراتهم الجارحة له، من حرمانه من حقوقه في الحياة، خافت أن يكرهها بدل أن يحبها،  خافت لومه لها ، خافت أن يحملها كل الجرائم التي سترتكب في حقه، فكرت وفكرت، فودعته بطقوسها وداعا إلى الأبد، بدموع كانت تنزل بحرقة وكره لكل القوانين، العادات، التقاليد التي تقتل الحب وتحكم عليه بالموت، ما ذنبها ألا تقبل ابنها، تشم رائحته، تحضنه وتسميه نضالا أو فرحا كما تمنت دائما، تبا لكم ولقوانينكم وعاداتكم ودينكم…

أحبتك منذ علمت بوجودك برحم ليس لها الحق فيه، رحم له ما عليه من سلطة ورقابة وتملك، قتلوك لكن لن يقتلوا حبها لك أبدا، لا تلمها لأنها تخلت اليوم عليك، حبا فيك وتضحية لأجلك، ولو للحظة لم ولن تفكر فيما يمكن أن تتعرض له من تهميش، وصم، إقصاء وعنف، لكنها خافت كراهيتك لها، خافت ألا تتفهم تمردها، خافت نظرتك الحزينة التي تحمل لوما لن ينتهي، خافت أن تفقد إلى الأبد، لكنها نتيجة واحدة فهي اليوم فقدتك إلى الأبد لكن لن تلومها بعينيك الجميلتين…

هي انسانة بفكر حر يقدس الحب والانسانية لا غير، هي انسانة في الزمان والمكان الغلط، هل كنت لتجلس وتسمعها وتكون الابن المتمرد مثل أمك الجميلة، هل وألف هل… انتصرت أمامها ملايين لاات،لا تغامري، لا تظلميه، لا تسجنيه، لا تقتليه ولا لا لا…

ماذا عن حبها له، ماذا عن عشقها له، ماذا عن اللحظات التي ستجمعهما، ماذا عن ابتساماتهما، ماذا عن عناقاتهما ، ماذا عن سهرهما، ماذا وماذا وماذا… ليس لها القوة التي تملكها لااتكم، كلكم مسؤولين كلكم قتلتم ابنها، كلكم قتلتموها هي أيضا…

ساعات والألم يقتلها، لكن ألم الفقدان أنساها ألم الجسد، أنساها الدم الذي نزل، دم الحياة، قتلتم الحياة فيهما…هما ضحيتا جهلكما، تواطؤكما، تقديسكما، أنتم جميعا من قتلتهما… وقتلتم قبلهما كثيرا ولا زلتم تقتلون، فتبا لقوانينكم وتبا لأخلاقكم وضميركم…

زر الذهاب إلى الأعلى
مستجدات